3 سيناريوات حول الأكثريّة النيابيّة من دون جعجع
ناصر قنديل
– تقع أهميّة جلسة المجلس النيابي الأولى، وما رافقها من عمليات انتخابية، في كونها قدمت صورة عما يمكن أن تظهره عمليات تصويتية لاحقة في المجلس النيابي، خصوصاً في تسمية رئيس جديد للحكومة، ولاحقاً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما في كونها كشفت طرق تفكير وآليات عمل المجموعات الجديدة، سواء تلك المتوقعة، كالمجموعات التي أطلقت على نفسها صفات الثورية والتغيير، أو غير المتوقعة كالتي ظهرت كوريث للكتلة الحريرية التقليدية بـ «ميني كتلة « غير معلنة لكن فاعلة ومؤثرة، وقدّمت كشف حساب للقوة الرئيسية التي رفعت شعار إلى الانتخابات در تحت شعار امتلاك الأغلبية النيابية، والتي مثلت القوات اللبنانية وحزب الكتائب والنواب المستقيلين القوة الضاربة فيها، بدعم أميركي سعودي.
– على مستوى المعيار التصويتي ظهر أن رصيد الأصوات الثلاثين التي يمتلكها ثنائي حركة أمل وحزب الله، كافٍ لتشكيل كتلة تصويتية تحقق الأكثرية المطلقة، أي 65 صوتاً، المطلوبة لضمان تسمية أي رئيس حكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، في مجلس ليس متاحاً فيه لأحد، أن يقاطع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ويعطلها، بداعي منع تحقيق النصاب المحدد بالثلثين، وكان أهم سيناريو تصويتي حمله يوم أمس، هو ما ناله زياد حواط مرشح القوات اللبنانية لمنصب أمين سر المجلس النيابي، بحصوله على 38 صوتاً هي أصوات القوات والكتائب والنواب المستقيلين، وهم مجموع النواب الذين يمكن لهم أن يلتقوا على تعطيل نصاب انتخاب رئيس للجمهورية في حال تحققهم من حشد الأكثرية اللازمة لفوز منافس لا يوافقون عليه، ما يجعل تعطيل النصاب الذي يحتاج الى 43 نائباً فوق طاقة هذا الفريق ما لم ينضم إليه النائب السابق وليد جنبلاط وكتلة اللقاء الديمقراطي المؤلفة من 9 نواب، والتي ظهرت شريكاً في سيناريوات تشكيل الأكثرية الجديدة لا تعطيلها.
– على مستوى المعيار التصويتي أيضاً ظهر سيناريو لتشكيل الأكثرية دون تصويت اللقاء الديمقراطي ومشاركة جنبلاط، نواته الثنائي مع التيار الوطني الحر، فنال نائب الرئيس الياس بوصعب الأكثرية المطلقة بأصوات الثلاثيّ، مضافة إليها كتلتان متوسطتا الحجم، غير معلنتين، واحدة تضم كل مناصري قوى الثامن من آذار وتتركز حول الوزير السابق سليمان فرنجية شمالاً، وتتقاطع مع كتلة متوسطة تضم مناصري الرئيس سعد الحريري، بحيث جمعت الكتلتان وعدد محدود من النواب المستقلين والطاشناق، 17 نائباً، وهي كتلة مضمونة للتصويت لصالح الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، والمرشح الرئاسي سليمان فرنجية، اذا سارت الرياح باتجاه سفينته الرئاسية، وقد قام بسداد دفعة أولى على الحساب في تصويت الأمس، في صفحة جديدة في العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر.
– في سيناريو تصويتيّ قدّمه مشهد انتخاب رئيس المجلس، شارك في صناعة الأكثرية النيابية، أي 65 صوتاً، 17 صوتاً للكتلتين المتوسطتين والمستقلين، و9 أصوات للقاء الديمقراطي، و4 نواب من غير الحزبيين في تكتل لبنان القويّ، و5 نواب منفردين منهم من هو محسوب على «الثوار» و«نواب التغيير»، يمكنهم تكرار تصويتهم بالتعاون مع رئيس المجلس في استحقاقات مقبلة. وهذا سيناريو مريح للتيار الوطني الحر في أي استحقاق لا يريد التطابق فيه تصويتاً مع الثنائي، لكنه لا يسعى لإسقاطه، كتسمية الرئيس ميقاتي مجدداً، بحيث صار المجلس قادراً على إنتاج أكثرية متحرّكة من أصل 80 نائباً، يتوزع قرارهم سداسياً فيضم الثنائي والتيار ومعهم جنبلاط وفرنجية والحريري.
– ظهرت حالة النواب التغييريين أو الثوار، مشرذمة وغير سياسيّة، وأقرب للظاهرة الصوتية، لا التصويتية، وقد كانت أمامها فرص لنيل منصب نائب الرئيس لو نظمت صفوفها مبكراً وراء نقيب المحامين السابق ملحم خلف، الذي فضل الاعتكاف على شرشحة اتهامه بالتبعية للمنظومة، رغم ما سمعه من تشجيع من طرفين متقابلين في المجلس، سواء الثنائيّ أو القوات والاشتراكي، كما كان ممكناً لها أن تتفاوض مع الكتل على منح تصويتها لمرشح لمنصب نائب الرئيس مقابل الحصول على منصب رئيس لجنة الإدارة والعدل لخلف أيضاً، واللجنة هي مطبخ التشريع في المجلس، وتقاسم رئاسات اللجان أمر تقليدي يتم بالتفاوض بين الكتل قبل انتخابات الرئيس ونائب الرئيس، ولن يكون من فرص لنيل أية رئاسة لجنة وازنة لهذه المجموعة النيابية بعدما صار ثابتاً ان اللجان ستبقي على قديمها أسوة بما جرى في الرئاسة وهيئة المكتب.
– سيصمت لفترة طويلة القادة الذين قالوا إنهم نالوا الأكثرية وتسرّعوا، والسفراء الذين زفوا بشرى النصر وتورّطوا.