خسائر «قواتية» فادحة وسلة برلمانية فارغة
} علي عوباني
حُسم الأمر، وارتسم المشهد السياسي والنيابي في لبنان، عقب الانتخابات الأخيرة. جلسة المجلس النيابي لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه بالأمس، أنهت كلّ الجعجعات، وطحنت كلّ الأكثريات الوهمية، التي انتشى أصحابها بفوزها فجر 16 أيار المنصرم، لتتمظهر الأغلبية الحقيقية، من الأغلبية الوهمية، ولتحصد أكثرية رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل المقاعد الرئيسية في الإدارة المجلسية، مقابل تبخّر أكثرية رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزعامته المدعاة على الساحة المسيحية. وهنا يمكن تسجيل، انتصارات «التيار الوطني الحر»، التي تعتبر بحدّ ذاتها هزائم لـ»القوات» على الشكل التالي:
أولاً: خسارة قواتية مدوية، بإعادة انتخاب بري رئيساً لمجلس النواب، بعدما كان جعجع رفع السقف الى الحدّ الأقصى، الى درجة أنه وضع نفسه بمرتبة أن الزمن تغيّر وأنه بات هو من يحدّد مواصفات رئيس المجلس التي لا تنطبق على بري، ليتبيّن بالتصويت أنها لا تنطبق إلا على بري.
ثانياً: خسارة “القوات اللبنانية” موقع نائب الرئيس، بعدما خاضت هذه المعركة بمرشح غير معلن عنه (غسان سكاف)، قابلها فوز مرشح التيار الوطني الحر الياس بو صعب.
ثالثاً: خسارة “القوات” موقع أمانة السر بعدما خاضتها بمرشح معلن (زياد حواط)، لصالح مرشح التيار الوطني الحر النائب ألان عون.
مما تقدّم، يتضح أنّ موسم قطاف التيار، قابله سلة “قواتية” فارغة برلمانياً، علّق عليها رواد التواصل الاجتماعي بالسخرية وإطلاق نكات، تتحدث عن فوز “القوات” بموقع “ناطور المجلس النيابي بالتزكية”. كما يتضح أيضاً تسجيل التيار الوطني الحر في استحقاق واحد، ثلاثية ذهبية، قابلها هزيمة ثلاثية فادحة لـ”القوات”، مع ما يعنيه ذلك، من حسن إدارة التيار للمعركة بحكمة وحنكة، لإعادة ثبيت موقعيته، ومرجعيته الأولى على الساحة المسيحية.
أما على صعيد الأداء السياسي والنيابي، لـ”القوات”، وحزب “الكتائب” و”الثورجية”، في جلسة مجلس النواب الأولى، فيمكن تسجيل جملة ملاحظات، منها:
1 ـ عدم جرأة “القوات” التي إدعت أنها أكثرية على ترشيح النائب غسان حاصباني بشكل علني، لموقع نائب الرئيس، وتلطيها خلف المرشح سكاف بهدف كسر ترشيح التيار للنائب الياس بوصعب، دون أن تتمكن من تحقيق مرادها. فما هذه الأكثرية، التي لم تسطَع في المجلس، ولم تستطع أن تعلن عن نفسها للشعب اللبناني؟!
2 ـ انعزالية قواتية، برهنت عن نفسها بعدم تلاقي نواب “القوات” مع أحد في مجلس النواب، فلا هم التقوا مع “الكتائب اللبنانية”، ولا مع نواب “الحزب التقدمي الاشتراكي” و”كتلة اللقاء الديموقراطي” ولا مع ما يسمّى بنواب “الثورة” و”التغيير”، لا في انتخابات الرئيس (انتخبوا بعبارة اسم تكتلهم “الجمهورية القوية”) ولا نائبه (انتخبوا لصالح سكاف فقط لمناكفة التيار ومنع مرشحه من الوصول) ولا في موقع أميني السر (المرشح حواط).
3 ـ ظهور أداء لا يليق بنواب الأمة، عبّر عنه، حديثو الولادة النيابية، بجملة ولدنات وحرتقات (انتخاباً وتصريحات)، وكذلك نواب “الشعبوية”، الذين يستغلّون النقل المباشر لجلسات مجلس النواب لترداد الشعارات، التي إنْ دلت على شيء فإنها تدلّ على ضعفهم، وكلها مسائل وإنْ تصدّى لها الرئيس بري ونواب حزب الله (لا سيما مداخلات عضوي كتلة الوفاء للمقاومة النائبين حسن فضل الله وعلي عمار) إلا أنهم ترفعوا عن هذه المماحكات لصالح الفوز الأخير والمحتوم في نهاية الجلسة.
4 – سقوط ما يسمّى بنواب “الثورة” و”التغيير” بعدما صوّتوا في الدورة الاولى لانتخاب نائب الرئيس بورقة بيضاء، ليعودوا ويستبدلوها في الدورة الثانية، بالتصويت لصالح المرشح غسان سكاف، ضد مرشح التيار الياس بو صعب، بما يعنيه ذلك من اصطفافهم لصالح طرف على حساب آخر، فضلاً عن ظهور بعضهم وكأنه يتلمّس كلمة السر من النائبة بولا يعقوبيان…!