القلق «الإسرائيلي» خشية الردّ الإيراني
} رنا العفيف
مرحلة جديدة من الصراع بين طهران وتل أبيب تظهر للعلن، عقب اغتيال العقيد في الحرس الثوري الإيراني صياد خدائي، وتل أبيب ترفع مستوى التأهّب تزامناً مع القلق الكبير، خشية الردّ على عملية الاغتيال، ما هي مدلولات هذا القلق؟ وهل هو مرتبط بخطأ في الحسابات السياسية مجدّداً؟
ليست المرة الأولى التي تتعدّى فيها تل أبيب حدودها مع إيران، وهي تعلم جيداً سياسة طهران في الردّ، فإذا قالت إيران إنها ستردّ، فهي حتما ستردّ لأنها لا تمزح في ذلك، فسارعت «إسرائيل» إلى رفع حالة التأهّب، واستحضرت رئيس وزرائها وفي جعبته ملفات قديمة تخصّ البرنامج النووي، وتارة تتسارع بالتخبّط لتثير فوضى التضليل في عملية الاغتيال، بعد أن كشفت مصادر دبلوماسية، تورّط الولايات المتحدة، بما في ذلك دول أوروبية أيضاً، كما أنّ هناك تسريبات صحافية أميركية تتحدث عن مسؤولية «إسرائيل» في هذا الأمر…
أدّى ذلك إلى استنفار كبير في الداخل والخارج «الإسرائيلي»، وذلك نتيجة حتمية بعد أن كشفت طهران هوية الجاني، في مقابل ذلك، أتى تصريح خطيب زادة بقوله: «على الإسرائيليين أن يقلقوا وهم في أسرّتهم، أيّ انّ إسرائيل أخطأت الحسابات مرة أخرى، وعلى إسرائيل أن تنتظر الردّ الذي سيأتي…»
حقيقة «إسرائيل» اليوم تعيش رعباً حقيقياً غير اعتيادي، لأنّ هذه المرة لا تتشابه مع سابقاتها، خاصة أنّ طهران كشفت نوع السلاح الذي قام الجاني باستخدامه، وهو سلاح تابع لضابط في الناتو، وهو ليس متوفراً حتى في الأسواق، بحسب معلومات، لهذا قلنا إنّ هناك مدلولات كبيرة على القلق «الإسرائيلي»، أيّ ربما يكون هناك أكثر من جهة متورّطة بعملية الاغتيال، وتريد «إسرائيل» أن تغسل يد الولايات المتحدة وحلفاءها من هذه الجريمة الدنيئة مقابل صفقة المفاوضات التي تجري، بالرغم من انّ التحقيقات مستمرة ولا أحد يعلم شيئاً حتى اللحظة، إلا أنّ تقدير الموقف الذي أخطأت فيه «إسرائيل» يثير الشكوك حول بعض الدول الأوروبية المتورّطة؟
ترجمة هذا التصوّر السياسي في حسبان المراقبين، تقول إنه من المحتمل أن تكون واشنطن ضمن هذه اللعبة، وتريد إيصال رسائل مباشرة وغيرها إلى طهران بأنها ما زالت قادرة على الصراع، حتى تتنازل إيران عن مطالبها في مفاوضات فيينا، معتبرة بذلك صفعة قوية، وهي غير مدركة لهشاشة أوراقها التي تتبعثر وتضعف يوماً بعد يوم، وكذا «إسرائيل» التي تريد الفوضى برمي المسؤولية على الجميع ليست فقط هي من تحمّل عاتق التبني لهذه العملية، أيّ بمعنى أوضح أنّ «إسرائيل» لا تريد أن تدخل المواجهة لوحدها.
أخيراً فإنّ مستوى التأهّب عال جداً، وعلى هذا النحو يحق لإيران الردّ قانونياً ودولياً وحتى رسمياً، لأنها تملك كلّ الأدلة، والمساس بأمنها القومي غير مسموح لا من «إسرائيل» ولا من واشنطن التي سبق لها ودفعت إلى المواجهة بين إيران واليونان، فكيف إذا كانت مسألة اغتيال؟ وفي ذات السياق قلنا اليونان لأنها من ضمن الاتحاد الأوروبي، قاموا بغطرسة بحرية وسرقوا محتويات السفينة الإيرانية التي كانت ذاهبة الى اليونان وكانت تحمل علم الإيراني، فالمتورّطون كثر للنيل من سيادة وأمن طهران، لذا من المتوقع الردّ في الداخل «الإسرائيلي»، كما كانت عملية الاغتيال في الداخل، ورأينا سابقاً كيف استخدمت «إسرائيل» عملية ضدّ إيران في أربيل، كان الاستهداف في أربيل، فهل؟ سيؤثر ذلك على محادثات فيينا، أم يحاكي المشهد تصعيداً يربك المنطقة؟