تركيا والمنطقة الآمنة… لعبة الصهاينة القذرة
} ربا يوسف شاهين
يُحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحويل الفكر الإخواني، الذي يقوم على الاستبداد السياسي، إلى واقع سياسي يُمارسه في محيطه الإقليمي، خاصة أنّ الإخوان المسلمين هم فرع من الحركة الصهيونية العالمية، الأمر الذي يُترجمه أردوغان واقعاً سياسياً. ومنذ أن تبلورت فكرة الحرب الإرهابية على سورية، بدأت المؤامرة العالمية ضد سورية ومشروعها السياسي، بالظهور، وها هي تدخل عامها الحادي عشر.
وخلال عقد ونيّف، انكشفت حقائق لا لُبّس فيها في معطيات أقرّتها الوقائع على الأرض السورية، واستطاعت الدولة السورية بكلّ مكوّناتها من تحقيق الانتصار، ودحر الأدوات المستخدمة في هذه الحرب، وتحديداً العسكرية منها، وتحرير المناطق السورية حتى الحدود الشمالية الغربية والشرقية، والتي لم تستعصِ على الجيش السوري والقيادة السورية، إلا عند تدخل الاحتلال الأميركي والتركي بشكل مباشر عليها لوضع اليد.
وفي المخطط الذي رُسم لسورية، تمّ الاتفاق على ما يُسمّى «المنطقة العازلة»، التي طالب بها النظام التركي منذ 2011، عبر تصريحات عديدة كشفت عن مضمون وخبث ما يتمناه أردوغان لسورية، وليس ببعيد ما كان يحاول تنفيذه في حلب الشهباء، ليعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية ومقولته التي ذهب بها بعيداً عن الصلاة في المسجد الأموي في دمشق.
هي أحلام أردوغانية تساقطت تباعاً، ليتوقف أردوغان هو وشركاؤه الغربيون عند ما يسمّى «المنطقة الآمنة»، والتي بدأت فعلياً على الورق في الطرح من مخرجات النظام التركي في اجتماعات استانا وسوتشي، متذرّعاً بـ «الأمن القومي التركي»، وبدأ بالتغيير الديموغرافي للمناطق الني احتلها بعملية غصن الزيتون، وما تلاها من عمليات عسكرية داخل الجغرافية السورية، والتي أدّت وبمساندة الولايات المتحدة وغباء ميليشيا قسد، لوضع اليد عليها، ومنها يستطيع إعادة تدوير عقارب الساعة، للتوغل مجدداً والوصول إلى حلب.
وما بين التركي والأميركي و»إسرائيل»، معاهدات إجرام من النوع الأول في ما يخص استباحة الأراضي السورية، وعدم احترام سيادة الدول، والتي ينصّ عليها ميثاق الامم المتحدة ومجلس الأمن وكلّ القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحسن الجوار.
وبعد أن تحقق بعض ما تمنّوه من الحرب الإرهابية على سورية، وتحديداً في مسألة الخنق الاقتصادي، وترك الشعب السوري يلملم آثار العدوان الإرهابي، ونتيجة للانتصارات، وفكرة بقاء الدولة السورية ونهوضها بالتزامن مع الظروف الدولية، التي تعيشها المنطقة برمّتها واستغلال انشغال الحليف الروسي بالعملية العسكرية في أوكرانيا، يتعمّد النظام التركي إعادة ملف المنطقة الآمنة للعلن الدولي، ليثبت ويستكمل ما تبقى لهم عبر مجموعاتهم الإرهابية في تلك المنطقة، واستغلال الملف الكردي للضغط على روسيا الاتحادية، خاصة أنّ تركيا عضو في حلف الناتو.
المستجدات على الساحة الدولية تُعدّ ورقة رابحة لاستغلالها من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتُعدّ مسألة انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، من الملفات التي يحاول بها النظام التركي استقطاب المجموع الدولي المناهض لروسيا، وبذات التوقيت للرئيس فلاديمير بوتين، ليكون المقابل إقامة المنطقة الآمنة، والتي تُعدّ خرقاً لاتفاقية أضنة التي وُقعت ما بين الدولة السورية والتركية.
وعلى ما يبدو أنّ أنقرة تدرس شنّ عملية عسكرية في الشمال السوري، على نطاق أوسع مما تقوم به مجموعاتها الإرهابية في المناطق المحتلة في الشمال السوري. ووفق تصريحات يُدلي بها رموز النظام التركي، ليعطوا رجب طيب أردوغان، ورقةً رابحةً في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولا ننسى مسألة استغلال اللاجئين السوريين كورقة ضغط، من قبل أردوغان، للبدء بالمنطقة العازلة، وانه سيقدّم الملجأ الآمن لهم، وهو يدرك جيداً، أنّ من يودّ وضعهم في هذه المنطقة هم أفراد المجموعات المسلحة من الإرهابيين، الذين تمّ دمجهم وإعطاءهم الجنسية التركية، لأنّ ملف اللاجئين السوريين وفقاً للقوانين الدولية تتولى مسؤوليته الدولة الأمّ سورية، وعلى الضفة الأُخرى وفي العراق، يحاول النظام التركي التثبيت له أيضاً تحت نفس الذريعة، لجهة محاربة «حزب العمال الكردستاني»، وما يقوم به في شمال العراق عبر بما يسمّى عملية «قفل المخلب»، ليستولي عبر شركائه الأميركيين وفق اتفاقيات تجارية، ليتمكن من وضع اليد على العراق، وكان قد صرّح أردوغان في أيار/ مايو 2021، عن إقامة قاعدة عسكرية في شمال العراق، لحماية الحدود العراقية التركية، وهذا ما يفعله في سورية، وحتى ليبيا وأوكرانيا وأفغانستان وأذربيجان، وكلّ منطقة يمهّد له فيها شريكه الأساسي الصهيو أميركي.
في النهاية، سورية التي انتصرت على الإرهاب في مناطق واسعة منها، ستمضي في حربها السياسية والعسكرية حتى تحرير كلّ شبر من أرضها، وفرض احترام السيادة السورية بالقوة، أو بالقانون.