إرحمونا ودعوا «سلّتنا» نظيفة من «ثقوب» التعصّب
} إبراهيم موسى وزنه
بداية لا بدّ من تمهيد وإضاءة.. فمنذ أكثر من ربع قرن، وفي أوج الازدهار والارتقاء الذي لحق بلعبة كرة السلة، أخذنا على عاتقنا المبادرة وأطلقنا أوّل مجلّة متخصصة بمجريات وبطولات وأخبار الكرة “البرتقالية” ـ 1996، يومها أطلقنا عليها اسم “بلوك شوت” نظراً لتفرّعها من مجلة “شوت” المتخصّصة بلعبة كرة القدم وأحوالها. ومع المجلّتين، كانت صباحاتنا “كل أثنين” حافلة بالردود على الاتصالات والاستماع إلى الآراء مع تسجيل الملاحظات، وهنا نعترف بأن النقلة النوعية التي أصابت اللعبة المتخمة بالنجوم الذين وفدوا من كافة جهات الأرض بالاضافة إلى كمّ الإثارة المحيط بمجرياتها حتى آخر الثواني وروعة الاستعراضات، أدّى بشكل عفوي إلى استقطاب المعلنين ومعهم مجموعة من الميسورين ـ داعمي الأندية وقادتها… بصراحة، كل تلك المعطيات حتّمت علينا وعلى كثيرين من الزملاء العاملين في الوسط الإعلامي الرياضي تخصيص لعبة كرة السلة بمجلات أو صفحات يومية مع برامج وفقرات تلفزيونية خاصة، وهكذا أصبحت “سلتنا” حديث الناس كل الناس.
حيال تلك النهضة اللافتة، نجح لبنان بالوصول إلى “مونديالات” السلة لثلاث مرّات متتالية (2002 ـ 2006 و2010)، ثم غبنا بعد ذلك عن المسرح العالمي ـ ولم نزل ـ نتيجة انسحاب عدد كبير من المموّلين من رؤساء الأندية وغرق البلد في أجواء غير ملائمة رياضياً، نتيجة تكاثر المشاكل على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، ناهيكم عن حال الانقسام العمودي بين أبناء الوطن الواحد، فأصبحت الاهتمامات في مكان آخر. والمؤسف أن البعض انشغل بالانتقام لفشله في بطولة هنا أو في انتخابات هناك، وصولاً إلى انعكاس الواقع السياسي المأزوم والمستعر على مسار اللعبة ومصيرها، حيث ساد التخاطب الحزبي والمناطقي والطائفي بين أبناء اللعبة، إلى أن جاءت “الكورونا” ونتائجها الكارثية على العالم أجمع، ثم جاءت الضربة القاضية مع انهيار اقتصادنا المحلي في ظل استفحال صعود الدولار مقابل هبوط ليرتنا إلى الدرك الأسفل.
وبالانتقال إلى الموسم الحالي الخارج من رحم المعاناة، والمنتفض فنياً في ظل التعافي الخجول إلى حدٍ مقبول … ها نحن، نتابع سلسلة النهائي الرائع بين ناديي “الرياضي” صاحب الأمجاد والتاريخ و”بيروت” الصاعد الواعد… بعد ثلاث مباريات من الندّية والإثارة والاستعراض، ومع تقدّم أبناء المنارة بنتيجة 2 ـ 1، آلمنا ما تابعناه وقرأناه أخيراً من تعليقات وشتائم وتهديدات من متون الصفحات الخاصة بعدد لا بأس به من جمهور القلعة الصفراء، كرد فعل على حرمانهم من حضور المباريات مع تلويحهم بما لا يحمد عقباه خارج أسوار النادي خلال سير المباراة الرابعة في المنارة… وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أن تصريحات رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة أكرم الحلبي من ملعب الشياح خلال المباراة الثالثة لم تخل من المسؤولية والمنطق، اعترف الرجل بأنه يطبّق القوانين المنصوص عليها في النظام المتوافق عليه من قبل الأندية، وقالها بصريح العبارة “الرياضي يدفع ثمن خروج واحد بالمئة من جمهوره عن الأصول… وأنا مستعدّ لتعديل القانون في حال توافقت الأندية على ذلك”… إذن، ما الداعي لشتمه من على “صنوبر الفايسبوك” الأصفر؟! لست هنا في معرض الدفاع عنه، كما أنني ـ وعلى عادتي ـ أرضخ لتغليب عقلي على عاطفتي في مواكبة تلك السلسلة النارية الاستثنائية، فالمهم أن نتابع مباريات رائعة ومستويات أروع وخصوصاً من أيدي لاعبينا المحليين، و”صحتين للفائز”.
إلى جماهير الرياضي وبيروت معاً، كونوا على قدر المسؤولية الوطنية، شجعوا من دون تعصّب، صفقوا للسلة الحلوة، دعوا السلة الناهضة… نظيفة من ثقوب التعصّب المقيت، فلا مكان للطائفية أو الأنفاس السياسية في جسد الرياضة… لا تهدموا أولى درجات العودة إلى المكان الذي كنا قد وصلناه، مع محبتي واحترامي لناديي الرياضي وبيروت، إداريين ولاعبين وجماهير، كل التوفيق للاتحاد السلوي في مسعاه الأبوي لتقليد ابنه “الأشطر” وسام البطولة مع تمنياتنا بمتابعة المباركة العلنية من قبل “الشاطر” للـ “أشطر” … والكل فائز إن شاء الله والسلام عليكم.