النظرة القوميّة الاجتماعيّة بطولة رقي وليست بطولة كلام النظرة الجديدة وعي وموقف وتمييز
} يوسف المسمار*
النظرة السورية القومية الاجتماعية الى الكون والحياة والفن تعني في العمق وبالوضوح الوعي والموقفَ والتميّز في ممارسة البطولة، أيّ الوعي البطولي، والموقف البطولي، والتميّز البطولي في فهم الذات، ومواجهة الكون، وبناء الحياة، والإبداع والتوليد والخلق، واجتثاث العُرف الجاهليّ المبتذل، واستئصال المألوف الخرافيّ الذي تصنّم فتصنّم بتصنّمه عابدوه، وإبداع كل ما يجعل حياة الإنسان – المجتمع أحق وأعدل وأقوم وأجود.
ولأن النظرة قوميّة اجتماعيّة فهي موقف الإنسان – المجتمع الدائم البطوليّ من الكون والحياة والفن، وليست موقف الإنسان – الفرد المنهزم مهما تميّز وامتاز جسداً زائلاً، ونفساً فردية انعزالية منعزلة مصيرها الانغلاق والاختناق.
البطولة ميزة مستمرّة دائمة في المجتمع الراقي، وليست آنيّة زائلة بزوال الأفراد. وكل بطولة زائلة ليست بطولة ولا يمكن أن تكون بطولة مهما قيل إنها بطولة ومهما رُوِّج لها من المبرّرات.
الإنسان – المجتمع هو الجانب السلبيّ تجاه الكون
وبطولة النظرة السورية القومية الاجتماعية تتضح حين نعرف أن من وعاها وآمن بها عليه أن يتوحّد ويتوحدن في»النحن» فتصير «النحنُ» «الأنا»، وترتقي «الأنا» في نفسه وقوله وعمله وإنتاجه فتمتزج نفسه بنفسية مجتمعه ويُولد فيه الوجدان القوميّ الاجتماعيّ الطاهر، وتستيقظ في نفسيته الذات الإنسانية العامة، فيعبّر بقوله عما تطمح إليه جماعة أمته في انفتاحها على إنسانية الإنسان في العالم، ويحقق بعمله ما تتألق به عقلية أمته ونفسيتها من تطلعات تجعله الجانب السلبي في مواجهة الكون وعدم الرضوخ لأي أمرٍ مفعولٍ ومفروض.
وموقف الإنسان- المجتمع السلبي من الكون يعني أن لا يقبل إلا باقتحام المجاهيل واكتشاف أسرار الكون وخفاياه ونواميسه، فلا يرضى بالسطحيّ من فهم حقيقة الحياة وجوهرها، بل بالتعمّق في الفهم، والتوسّع في الإدراك، وإبداع كل ما لا يخطر على عقول البشر وتصوراتهم من خواطر الجمال وأفكار البدائع ومحاسن الخيال فنوناً تتخطى فنوناً، وروائع تتجاوز روائع في وحدة الخالق والمخلوق وقارئ كتاب الخلق بقوة هبة الخالق التي هي العقل المجتمعي الإنساني الذي ما وُجد عبثاً ولا باطلاً.
البطولة المنتصرة بطولة معرفة وإيمان وممارسة
فالبطولة المنتصرة لا تكون منتصرة إلا حين تكون بطولة في الوعي وبطولة في المعرفة وبطولة في الفهم وبطولة في الممارسة وبطولة في الإيمان وبطولة في الصدق والطهار والصلاح، لأن إيمانها وعي ومعرفتها فيضان صدق وطهارتها فوران فهم وصلاحها شلال ممارسة فضائل وإنجازات راقية.
ومن حيث هي بطولة في الإيمان الواعي، والوعي الإيماني فهي أيضاً بطولة في الفضيلة العملية الفاعلة في الحياة، المُهاجمة كل مألوف رديء، والمُطوّرة كل مألوف حسن، والكاشفة المستكشفة كل مجهول نافع، والمبدعة كل ما يجعل الحياة الإنسانية أجود وأجمل في كمال الرؤية والنظرة والفعل لشمول الكون والحياة وترقية الفنون.
هذه هي البطولة في الحياة التي لا تكون ولا تقوم إلا بالوعي والمعرفة ولا تنمو إلا بالوعي المتسع المتوسع والمعرفة المتصاعدة، ولا تنتصر في الحياة الا بإنتاج وإبداع وخلق كل ما هو خارج عن المألوف، ومتواصل في الرقي، ومُحلّق في التسامي، وعابر للآفاق المعهودة وغير المعهودة، بحيث كلما اجتازت أفقاً تجددت طاقة عزمها على متابعة مسيرتها في رحابٍ لا تُطال الا ببطولة إنسان – مجتمع تتدفق أجياله بكل ما يكتنز عقله المجتمعي القومي الاجتماعي من ادراك، وكل ما يعتمل في نفسيته القومية الاجتماعية من ألوان العلم والفلسفة والفن، وكل ما تستطيعه روحيته القومية الاجتماعية من إمكانيات النهوض والتألق وممارسة البطولة الواعية التي بها وبفعاليتها يتغير الوضع، ويتحسن الزمان، ويتألق الوجود.