الأوتوقراطية الفكرية
ماذا يفيد لو كان لديك أفضل وأصدق سردية في العالم ولكنك غير قادر على إيصالها للناس؟ هذا ما يحدث لنا في معرض الصراع مع قوى العدوان والهيمنة والسطو التي تستحوذ على الأغلبية الساحقة من وسائط البث والإشعاع، وتمسك بناصية الأثير ولا يكاد ينازعها في ذلك أحد، لقد استشعرت هذا الأمر بجلاء أكثر في الأزمة التي تستقطب حالياً جلّ الاهتمام العالمي، وأعني بذلك الأزمة الأوكرانية، يكاد الرأي العام الأميركي أن يجمع على انّ المعتدي الأثيم والمرتكب لجرائم الحرب والاغتيال الجماعي هي روسيا، بينما الضحية والحمل الوديع هي أوكرانيا…!
هكذا أرادت الأوليغارشية الأميركية للسردية ان تكون، ولم يفلت من قوة الجذب المركزي الإعلامي المروّعة إلا من رحم ربي، حتى رسام كاريكاتير “لاس ڤيغاس ريڤيو” المحافظ البارع مايكل راميريز والحائز على الكثير من الجوائز بما في ذلك جائزة البوليتزر لمرتين، وهي أيقونة جوائز الصحافة، وقع في فخ التيار العارم لسردية الأوليغارشية الأميركية الكاذبة، وأظهر في أحد رسومه أخيراً ڤولوديمير زيلينسكي، المهرّج الأحمق، وآخر إبداعات وزارة الخارجية الأميركية الهجينة، عملاقاً يقف الى جانبه ڤلاديمير بوتين صغيراً ضئيلاً، وكتب تحت الرسم، Leadership القيادة، شيء مثير للضحك، يلخّص حالة الضحالة الفكرية والقصور المنهجي الذي يتمتع به الجسم الإجمالي للمجتمع الأميركي، فكيف هو حال الرعاع إذا كان هذا هو حال الرسام الذي ينتمي الى النخبة.