أزمة الاتفاق النووي الإيراني كفة الميزان الراجحة…
} ربا يوسف شاهين
توقيع «خطة العمل الشاملة المشتركة» ما بين «5+1» في 2015، ودخول الجمهورية الإسلامية بين الدول العظمى الصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وأميركا، في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي تسلّم من قبل ملفات الساسة الأميركيين السابقين الدور الهام والإقليمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإمكانية تفوّقها النووي، وتمكّنها من تصنيع أسلحة نووية تهدّد بها الكيان الصهيوني، وبالتالي أميركا.
فترة من الهدوء والسكينة في زمن باراك أوباما، لكن الذي فجر هذا الهدوء والالتزام الإيراني بالحدّ من الأنشطة النووية هو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي في 2018، ويؤكد ذلك على أنّ القراءة الصحيحة لأهمية ازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة، سيشكل تهديداً حتى على الولايات المتحدة، من خلال المنافسة حسب الموقع الجغرافي، والقرب والبعد عن الابنة «إسرائيل»، مع ما يتمّ تعاطيه في السياسة الخارجية، بالنسبة للوضع الإقليمي والدولي لطهران، ومدى إمكانية حصولها على المرتبة الأولى في تصدير الغاز بدلاً من روسيا، خاصة أنّ مسألة الوقود، تشكل الخزان والمحرك الأساسي لكثير من الاقتصادات.
لتبدأ مسألة إحياء الاتفاق النووي، ولتعود الولايات المتحدة عبر رئيسها جو بايدن للتفاوض بشأن العودة إلى الاتفاق على أساس أنّ الولايات المتحدة الأميركية سترفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وكذلك مسألة إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية عالمية من قبل واشنطن، والذي استدعى وضع القيادة المركزية الأميركية كمنظمة إرهابية من قبل إيران، لكن مجلس الشيوخ الأميركي يعارض ويحظر على إدارة بايدن إزالة التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري الإيراني مقابل إحياء الصفقة.
سيناريوات عديدة مطروحة من قبل الفاعلين كلّ في اتجاه المصلحة التي تفتضيها الأوضاع الداخلية للدول والخارجية منها، لكن السيناريو الأخطر بالنسبة للولايات المتحدة و»إسرائيل» هو انّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي كفة الميزان الرابحة، وذلك وفق معطيين:
الأول: إذا نجح الاتفاق النووي سيكون انتصاراً كبيراً لطهران أمام شعبها والعالم، وتحديداً أمام حلفائها، وستزداد من وجهة نظر الولايات المتحدة نفوذاً عسكرياً واقتصادياً في الشرق الأوسط، والعالم عموماً.
والمعطى الثاني: أن تفشل المفاوضات بالنسبة للاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي ارتفاع قدرة برنامج إيران النووي، إلى مستويات لصنع الأسلحة الكيميائية والنووية كحماية ضدّ ضربة عسكرية أميركية أو «إسرائيلية» محتملة، وكذلك ازدياد النفوذ الوجودي لإيران، في الساحات الفلسطينية والسورية واللبنانية، والذي سيُسبّب تراجعاً في التحركات «الإسرائيلية» في المنطقة الإقليمية.
ورغم أنّ المفاوضات النووية السابقة واللاحقة تصطدم بقرارات مجلس الشيوخ الأميركي والمسؤولين «الإسرائيليين»، إلا أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدرك جيداً المساعي الحقيقية من إبطاء البتّ بالقرارات النهائية للاتفاق النووي بالنسبة للمطالب الإيرانية المُحقة، فمن خرج من الاتفاق هي واشنطن. وسياسة الضغوط القصوى التي تتبعها واشنطن ستتلاشى في حال استمرار إيران بالنهوض وكسر العقوبات عن طريق التوجه نحو روسيا والصين وفنزويلا وغيرها الكثير من الدول التي تعارض السياسة الأميركية في المنطقة، ورغم كلّ المتغيّرات المفروضة على إيران إلا أنها استطاعت أن تُجبر واشنطن على التفاوض، وهذا بحدّ ذاته انتصار للسياسة الإيرانية…