من يستنزف من؟
روسيا، التي يدّعي الغرب أنه سيجرّها الى حالة استنزاف مضنية قاتلة تضطرّها الى الجثوّ على ركبتيها وطلب العفو والرحمة كما حدث قبل ما يربو على الثلاثين عاماً للاتحاد السوڤياتي سابقاً، هذه الروسيا حقّقت ربحاً منذ مئة يوم من الحرب، مئة بليون يورو، أيّ ما يعادل بليون يورو في اليوم الواحد، ونجحت في تحسين سعر صرف الروبل من 79 للدولار إلى حوالي 57 للدولار، بينما في أوروبا بدأ الصراخ والعويل وتوقعات مظلمة قارصة للآتي من الأيام.
ماذا ستفعل هذه الأوروبا المسلوبة الإرادة والفاقدة للمقدرة على اتخاذ القرار المستقلّ حينما تبدأ تباشير شتائها المبكر بعد أربعة أشهر من الآن تعصف بحارات وأزقة وشعاب مدنها، وتبدأ الأجساد النحيلة بالارتجاف والتلوّي من شدة البرد القارس، وطلباً لقليل من الدفء؟ وماذا ستفعل أورسولا ڤون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية التي تتبنّى موقفاً متشدّداً إزاء موسكو لا يستند على شيء إلّا على تكهّنات رجل تائه يجلس في البيت الأبيض وما زال يظنّ بأنّ أميركا ما زالت تتربّع مرتاحة على عرش القيادة الأحادية العالم، ولا يكاد ينازعها في ذلك أحد، ماذا سيفعل هؤلاء حينما يبدأ الاحتياطي النفطي والغازي بالنضوب، وتصبح الشعوب الأوروبية المترفة غير قادرة على الحصول على بعض أولويات الحياة وفي مقدّمها، الشعور بالدفء، وماذا سيفعل مهرّجهم الذي ابتدعوه ابتداعاً، زيلينسكي العجيب، الذي اعترف بخسارته 25% من أراضيه، وانّ جنوب بلاده على وشك أن يصبح برمّته في يد روسيا وحلفائها الدونباسيين، إذا ما سيطروا على أوديسة، وأنّ ألف جندي من جيشه المتراجع وشبه المنهار يحيّدون يومياً بفعل الضربات الروسية الدقيقة، وأنّ الموقف بحاجة الى وقفة مع الحقيقة والتساؤل، من يستنزف من في واقع الحال؟
سميح التايه