النصر بوعي المهمة والقيام بالواجب
} يوسف المسمار*
قال سعاده «كل عقيدة تضع على أتباعها المهمة الأساسيّة الطبيعيّة الأولى التي هي انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها. كل ما دون ذلك باطل. وكل عقيدة يصيبها الإخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدّد أتباعها».
وهذا الكلام يعني أن كل من اعتنق العقيدة السورية القومية الاجتماعية هو مسؤول عن انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها سواء قام غيره بهذه المهمة أو لم يقم. فمن يُهمل مهمته ويصبّ اهتمامه على انتقاد غيره، والتسلي بقول فلان، وانتقاد علتان، والتشهير بعيوب فليتان هو هو بالضبط مَن يتظاهر بأنه من أتباع العقيدة في الوقت الذي لا يمارس فيه إلا تعريض العقيدة للإخفاق وإرباك العاملين في أعمالهم والمنتجين في إنتاجهم وانتقاد المراجع المسؤولة بغير نظام وبغير وجه حق.
ولو كان من أتباع العقيدة بالفعل وليس بالقول لانصرف الى القيام بواجبه وتحمل مسؤوليته دون أن يتدخل في أعمال غيره من العاملين، واستوعب قول سعاده على حقيقته وراجع واستوعب وفهم مضمون رسالة سعاده الى رفقائنا في سان باولو في «جريدة الزوبعة بوينس ايريس في 31 يوليو 1942» التي قال فيها:
“إني أقول لك إنك مسؤول عن الاهتمام بمثل هذه الأمور وتهيئة أفكار الرفقاء بها أكثر كثيراً مما أنت مسؤول عما يصدر عن المراجع العليا ودوائرها الإذاعيّة من المستحسَن وغير المستحسَن.
فليقم كل منكما بواجبه النظامي أولاً وليقع اللوم من الناس على الإدارة العليا أو على بعض دوائرها الإذاعية فهي تعرف الآن وفي المستقبل، كما عرفت في الماضي، كيف تحوّل الرأي العام. خصوصاً متى كان بالها مرتاحاً من جهة الأمور العملية ومن وجود متعاونين يخففون فيها بعض الأعباء الدورية وإهمال الشؤون الصغرى.
فليشتغل بالكيمياء مَن عمله الكيمياء. وليعمل في الاقتصاد من عمله الاقتصاد. وليهتم في السياسة من اختصاصه في السياسة. وليتعرّف الى الإدارة مَن مهمته الإدارة. وليثق كل هؤلاء بالآخر. ولكلٍ الحق والواجب القاضي بإرسال جميع المعلومات والملاحظات التي يراها مفيدة الى دوائرها المختصة من غير ترك أعمال دائرته للتدخل في شؤون الدوائر الأخرى”.
ان العقيدة لا تخفق الا اذا كان أتباعها مخفقون فاشلون ويريدون أن يغطوا على إخفاقهم وفشلهم بكثرة الكلام، والتجريح بعمل العاملين المسؤولين، وتبرير فشلهم باتهام رفقائهم بكل فرية.
لقد كان واضع العقيدة القومية الاجتماعية أنطون سعاده مصيباً وبليغاً وفصيحاً حين ختم محاضرته الأولى في 7 كانون الثاني سنة 1948 بقوله: “نحن لسنا مسؤولين عن العقائد التي تبلبل مجتمعنا وتعطل حقيقتنا وإدراكنا لحقيقتنا. نحن مسؤولون فقط عن هذه القضية التي هي مقدّسة لنا، لأننا نؤمن أنها تعبّر عن كل الحق وكل الخير وكل الجمال وكل السعادة وكل الصداقة وكل القيم العليا التي يحتاج اليها مجتمعنا لينهض وتكون لـه حياة جيّدة».
ان وعي مهمتنا هو الاساس، وعلى وعي المهمة يكون الإيمان. والإيمان الكبير لا يكون ولا يقوم الى على الوعي الكبير. والإيمان الكبير هو الذي يحرّك النفوس الواعية والعقول السليمة المدركة فتنطلق بعملها وجهادها وتحمل المهمة الأساسيّة الطبيعيّة الأولى التي هي انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها.