بلدية الغبيري تفضح سمسرات سوق الخضار وتحوّله إلى قضية رأي عام… 400 م تستنفر بلدية بيروت ضد بلدية الغبيري بمعزوفة مذهبية معن الخليل لـ «البناء»: القرار الفصل للقانون ونحن نمتلك كلّ الملفات والوثائق المطلوبة
} عبير حمدان
عام 1992 أصدر وزير الداخلية اللواء الركن سامي الخطيب القرار رقم77/أ د وذلك بتاريخ 8 نيــسان، يقضي بوضع حوالي عشــرين آلاف متر مربع من العقار 3016 منطــقة الشــياح العقارية العائدة ملكيته للحكومة اللبنانية الموجودة بمحاذاة المدينة الرياضية من الناحية الجنوبية تحت تصرف بلديــة الغبــيري لتأمين سوق شعبي لبيع الخضار والفــاكهة بالمفرّق وفق شروط يجري تحديدها بقرارات تصدر عن البلدية المذكورة.
24 سنة عملت بلدية الغبيري على تحسين واقع السوق المذكور وتنظيمه وفق إمكانياتها رغم أنه عند بداية إشغاله لم يكن بالواقع الموجود عليه الآن لجهة التوسع فيه بحيث زادت المساحات المعتدى عليها من قبل بعض التجار الذين تتعارض مصالحهم الشخصية مع البلدية المذكورة.
النزاع القائم بين بلدية الغبيري ونقابة تجار الخضار هو حول أربعمائة متر مربع من العقار 3016 دخلت على خطه بلدية بيروت حيث توجهت أخيراً بكتاب وقعه رئيسها المهندس جمال عيتاني إلى وزير الداخلية والبلديات بتاريخ 2/حزيران/ 2022 موضوعه «منع تعدي وإزالة مخالفة أقامتها بلدية الغبيري على قسم من الأرض المرخص بإشغالها لبلدية بيروت».
بدوره أصدر رئيس بلدية الغبيري الأستاذ معن الخليل بياناً ردّ فيه على الكتاب وما ورد فيه من مغالطات.
يعالج الخليل بهدوء هذا الملف وهو الذي يمتلك كافة المستندات القانونية التي تلغي أي فرضية للمحسوبيات والمحاصصة. وفي لقاء مع «البناء» أوضح الخليل واقع التعديات منذ قام سوق الخضار المؤقت، فقال: «العقار 3016 / الشياح، والذي قامت الدولة بمنح العديد من ملفات التخصيص عليه أذكر منها سفارة دولة قطر ومستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأبنية منازل الضباط وغيرها، وفي العام 1984 حين تمّ نقل بائعي الخضار من نفق سليم سلام إلى محاذاة المدينة الرياضية ضمن بقعة جغرافية محدّدة في حينه وتحت عنوان «سوق الخضار المؤقت» أيّ دون ملف تخصيص إنما وفق سياسة الأمر الواقع، ثم ما لبث أن بدأ هذا السوق بالتوسع دون أيّ إجراء قانوني».
ويضيف: «بلدية الغبيري لديها ملف تخصيص قانوني موقع من وزراء المالية والداخلية ومسجل في الدوائر العقارية وقد خصص كمرآب للمنفعة العامة، وجزء منه هو موضوع النزاع اليوم الذي دفع ببلدية بيروت إلى التدخل عازفة على الوتر المذهبي رغم أنّ السوق ليس تحت وصايتها».
ولفت الخليل إلى أنه من الأجدى على المعنيين في بلدية بيروت رفع التعديات عن العقار 4517 الذي تمتلكه البلدية بعد أن اشترته بمبلغ 40 مليون دولار، بحجة توسيع سوق الخضار حيث بلغ سعر المتر الواحد فيه نحو ثلاثة آلاف دولار، وكان الاتفاق أن تستلمه البلدية خالياً، فيقول: «اشترت بلدية بيروت العقار الذي تبلغ مساحته نحو 13500 متر مربع، والواقع خلف المدينة الرياضية، بحجة توسيع سوق الخضار. وبلغ سعر المتر الواحد نحو ثلاثة آلاف دولار، وهو رقم مبالغ فيه وفق خبراء عقاريين حيث إنّ العقار يتضمّن عشرات المخالفات وعشوائيات سكنية وتجارية من الباطون التي أقيمت فوقها. ورغم أنّ المبلغ الموقوف لا يُردّ إلا بعد تنفيذ كلّ الشروط، وفق قانون المحاسبة العمومية، استبدل محافظ بيروت السابق زياد شبيب التوقيفات العشرية، أواخر العام 2017، بـ «كتاب ضمان» صادر عن بنك الشرق الأوسط وأفريقيا. بمعنى آخر، قبضت الشركة العُشر المتبقي من الثمن مقابل ورقة لا قيمة فعلية لها وتنتهي صلاحيتها خلال عام. وبالفعل، انتهت في كانون الأول 2018 مدة الكفالة التي لم تجدّد، ولم تتخذ البلدية أيّ إجراء قانوني بحق الشركة التي لم تنفّذ تعهّدها بإزالة المباني المشيّدة فوق العقار. وبذلك، استحال تسجيل العقار باسم البلدية، نظراً الى عدم إمكان معرفة قيمته التأجيرية في ظلّ وجود تعديات عليه، فيما لا حقّ للمجلس البلدي في مقاضاة الشركة، لأنّ كتاب الضمان المصرفي نصّ بوضوح على أنه «في نهاية المهلة، وفي حال لم يكن قد وردنا أيّ مطالبة منكم، يُعتبر (الكتاب) لاغياً ومن دون مفعول، وكأنه لم يكن حكماً».
ويستطرد الخليل حول الخلاف القائم بينهم كبلدية وبين سوق الخضار، فيقول: «عام 2016 حين بدأت المشاكل بيننا وبين سوق الخضار قمنا بعملية مسح للعقار وتبيّن أنّ بلدية بيروت تضع يدها على جزء من أملاك الدولة، وبالتالي عملنا على استردادها إلى نطاقنا البلدي وحصلنا على تخصيص بعد مرور سنتين لإنشاء مرآب، وجئنا اليوم لتحديد المساحة وتسييجها اصطدمنا بواقع إشغال جزء تبلغ مساحته 400 م من محمود عميرات مع العلم أنه كان قد وقّع تعهّداً بالاخلاء في 15/10/2021 أيّ من العام الماضي».
ويتابع: «للاسف الموضوع يأخذ منحى مذهبياً حيث إنّ جمال عيتاني كان يحتلّ 900 متر وقمنا بانتزاعهم منه والآن يعمل على إثارة مشكلة حول المساحة المتبقية عازفاً على الوتر الطائفي، مع العلم إنه وجه الكتاب إلى وزير الداخلية سراً لكننا علمنا به، وعليه قدّمنا الردّ، وحتى الآن لم يأت أيّ حسم من وزارة الداخلية في هذا الإطار».
ويؤكد الخليل في إطار متصل: «طالما بلدية بيروت تعتبر أنّ سوق الخضار ضمن نطاق صلاحياتها لماذا لا تتابع أموره، مع الإشارة إلى أننا نعاني كثيراً مع نقابة تجار سوق الخضار بحيث لا يسهل التعاون معهم».
ويختم الخليل: «كلّ المطلوب أن يخلي محمود عميرات المساحة التي يشغلها وهي ليست من حقه، وفي النهاية يبقى القرار الفصل للقانون ونحن نمتلك كلّ الملفات والوثائق المطلوبة».