نفط المتوسط الأزرق وحروب أنابيب الطاقة
محمد صادق الحسيني
جوزيف پوريل وابن سلمان وأردوغان وتميم والكاظمي… ليست سوى أسماء بيادق تتحرّك بإشارات أميركية خدمة للشركات المتعددة الجنسية أولاً، وللقاعدة الأميركية المنصّبة فوق فلسطين ثانياً، ومشروع السيد الأميركي ثالثاً…!
التحركات الجديدة لهذه البيادق تأتي في إطار تكميل مشروع ناتو «الشرق الاوسط» الذي ينتظر وصول بايدن الى المنطقة في منتصف تموز المقبل ليتمّ إطلاقه دفاعاً عن هذه الخطوط وخط سير ناقلاتها وعن الأمن القومي اليهودي، كما صرّح بذلك الرئيس الأميركي!
لم ينزل الوحي على جوزيف پوريل حتى يستعجل الذهاب الى طهران ليعلن منها أنّ من حق الإيرانيين الاستفادة الاقتصادية الكاملة من العودة الى الاتفاق النووي، وأننا عائدون الى طاولة المفاوضات حول النووي، ولكن هذه المرة في إحدى عواصم الخليج الفارسي بالقرب من الشواطئ الإيرانية…
ولم يقدم كلّ من ابن سلمان وتميم ايّ «مطالعة» او مقاربة مقنعة لتناسي الأول عداءه مع أردوغان والثاني مع السيسي ليقوما بتلك المصالحات الفجائيّة مع عدويهما اللدودين!
كلا الأمرين يأتيان في إطار أمر عمليات أميركي للخروج من الأزمة الحادة التي يمرّ بها الغرب ومجموعة حلفائه وخدامه بسبب حرب الطاقة التي هي في بداياتها نتيجة الخسارة والهزيمة المحققة التي لحقت بالأطلسي وتوابعه في حربهم ضدّ روسيا في أوكرانيا…
تؤكد مصادر أوروبية مطلعة على خبايا هذه التحركات بأنّ الاتحاد الأوروبي وكذلك دول التابعية الغربية في منطقتنا تلقوا الأوامر الواضحة بانّ عليهم ما يلي:
1 ـ المطلوب تجميع كلّ القوى الذاتية والمتاحة للسيطرة الكاملة على الكميات الهائلة من النفط والغاز وعلى خط سير حركة (أنابيب وناقلات) وأسعار الغاز في شرق المتوسط من عكا الى اللاذقية أيّ كلّ غاز فلسطين ولبنان وسورية.
2 ـ المطلوب فرض التهدئة والاستقرار في الجزيرة العربية لأجل الشروع بنقل الكميات الهائلة التي تختزنها صحراء الربع الخالي من النفط الأزرق، بالإضافة الى المسروق من اليمن عبر العراق وعبر باب المندب.
3 ـ المطلوب «دمج» الكيان «الإسرائيلي» في سوق اقتصادية طاقوية تكون فيها «تل أبيب» هي القلب بحيث يصعب على أعدائها التخلص منها بعدما أصبحت جزءاً لا يتجزأ من نسيج المنطقة.
4 ـ المطلوب «دمج» إيران باقتصاديات العالم الجديد انطلاقاً من الخليج الفارسي ومنحها باقة من الإغراءات على خلفية العودة الى الاتفاق النووي، بهدف جعلها تساهم في استقرار سوق الطاقة وإكراهها على القبول بالتهدئة في ما يسمّونه بساحات نفوذها!
5 ـ المطلوب «إقناع» الجزائر المتفلتة حتى الآن من الاندماج في المشروع الغربي بالانخراط في مشروع نقل الغاز النيجيري عبر النيجر ومن فوق أراضيها الى أوروبا وهي كميات هائلة لتضاف الى ما يزيد على المئة ألف متر مكعب من غازها الذي يصدر حالياً عبر الموانئ الإيطالية…
ولهذا السبب تحديداً ذهب تميم الى القاهرة مكرهاً والى الجزائر خادماً…
وما لم يصلحه العطار الأميركي بين مصر وأنقرة بسبب رغبة أردوغان الجامحة لتكون كلّ خطوط الطاقة وتحديداً الغاز تمرّ عبر أراضيه لأسباب اقتصادية واستراتيجية، سيصلحه قانون التبعيّة المشتركة لـ «الإسرائيلي» فيتنازل الأضعف خدمة للحامية الأميركية فوق اليابسة والمياه الفلسطينية.
يخطئ بايدن كثيراً، وكذلك شرطي الطاقة «البديلة» عن روسيا، ايّ الذيل الأميركي في أوروبا، وكذلك خدمه الصغار من غربان وعثمان و«عربان» انّ باستطاعتهم إعادة عقارب الساعة الى الوراء في المنطقة!
فالمقاومة، التي أكملت إعادة ترتيب بيتها، بكلّ مكوناتها العظيمة من طهران إلى دمشق وبغداد وبيروت وغزة وكلّ فلسطين وصولاً الى مملكة سبأ الواعدة من صنعاء، ليس فقط ستمزق كلّ اتفاقيات عصابة بايدن ومهرّجيه، بل ستجعلهم يندمون كثيراً على عدم استيعابهم تجربة تحطّم أحلامهم على بوابات الشام في حربهم الكونية الفاشلة على سورية…
أتى أمر الله فلا تستعجلوه،