ناتو على مقاس الكيان
لم أصدق ما تفوّه به غانتس حينما هدّد باجتياح لبنان مرة ثانية والوصول الى بيروت، وظننت للوهلة الأولى انّ الرجل يهذي، لقد مُرّغ أنف الجيش “الإسرائيلي” قبل ستة عشر عاماً بعُشر ما لدى حزب الله حالياً، فكيف يتوعّد هذا المغرق في أحلام يقظته باجتياح لبنان وقد ضاعف حزب الله قوّته عشر مرات، وأضاف إلى خبراته القتالية كمّاً هائلاً من التجربة الميدانية بالدم والعظم والالتحام مع أشرس مقاتلي الأرض وألحق بهم هزائم مُرّة في كلّ مواجهة بدون ايّ استثناء.
لم أصدق ذلك حتى أتانا من عمّان الخبر اليقين، فما تفوّه به سليل الأسرة الهاشمية لا فضّ فوه يكشف المستور، ويهتك المحظور، الرجل يبشرنا ب “ناتو شرق أوسطي”، أيّ حاوٍ جغرافي مرن يستطيع ان يستوعب كيان الإحلال، وإلّا لأسماه ناتو عربي، إذن غانتس كان يستند في ما تبجّح به على جيش أعرابي، وكذلك مال أعرابي، وعقل يهودي، وكفى الله اليهود شر القتال، سيجلس غانتس وكوخافي في غرفة عمليات أخرى، ليست الموك هذه المرة، وسيتولّى الأعراب مهمة بذل الدم والمال، أما التخطيط والقيادة والمشورة، فسيُناط ذلك بـ “بني إسرائيل”…!
لا غضاضة في ذلك، فلقد فعلناها مراراً وتكراراً عبر التاريخ كما أوردها ذات مرة الراحل الكبير أنيس النقاش في حرب بريطانيا العظمى ضدّ الامبراطورية العثمانية تمّ حشد مليون ومئة ألف مقاتل لمواجهة القوات العثمانية في الشرق الأوسط، 700 ألف منهم مسلمون، تمنّعوا وتذمّروا وأحجموا، ولكن جدّ العاهل الحالي، شريف مكة تصدّى للأمر وأصدر فتواه غبّ الطلب بجواز قتال المسلم للمسلم في سبيل الأنجلوساكسون، واندفع المسلمون يبذلون الدم وصرخات الله أكبر تبلغ عنان السماء…
لقد فعلناها سابقاً كثيراً، وسنفعلها مجدّداً، كلّ ما هو مطلوب، مقاتل غبي، ومفتي باع دينه وعلمه في سبيل الشيطان، ومال أعرابي بلا حدود، وسنفعلها ولن نلوي على شيء، علينا ان نطحن كبد الكيان، وأن يكون جلّ النار منصبّاً على كيان الإحلال وكبده بلا رحمة، أما مقاتلو الأعراب الأغبياء، فستتولّى زنود أسود جبل عامل أمرهم، ولن يكونوا أشدّ بأساً من داعش والنصرة الذين أذقناهم مرارة الهزائم هزيمة تلو الأخرى، تحطيم كبد “إسرائيل” وتذويقها مرارة الخسائر المفجعة سيؤدّي الى فقدان هذا التحالف مبرّر وجودهّ وسيجعل كلّ هذه الكيانات السبع التي أنشئت مع الكيان لردف وجوده ولضمان استمراره وللتخديم على بقائه تفقد المقدرة على البقاء لانتفاء الفائدة، وستتداعى كخرزات المسبحة، واحدة تلو الأخرى.