الحكومة والمحور الأميركيّ وجماعة أميركا
ناصر قنديل
– إذا استثنينا التيار الوطني الحر الذي سيكون مشاركاً في الحكومة الجديدة من خلال رئيس الجمهورية، على الأقل، إذا قرّر عدم المشاركة، وإذا ولدت الحكومة، تلفت الانتباه مواقف الكتل النيابية التي قرّرت رفض المشاركة في الحكومة ومقاطعتها.
– إذا نظرنا للغة التي يتحدث بها هؤلاء سنسمع كلاماً كثيراً عن نظرية وجود لبنان في محور إقليمي يرفضونه، والمقصود طبعاً هو محور المقاومة، واتهامات هؤلاء مكررة بالحديث عن سيطرة حزب الله على الدولة، ومؤسساتها، وهم دعاة أن يكون لبنان ضمن محور آخر، تحت شعار الحياد، طلباً لموقع لبناني أقرب الى واشنطن والرياض باعتبارهما مرجعية القرار بدعم لبنان مالياً، كما يقولون.
– نتحدث هنا عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المقبلة قياساً بحكومته الحالية التي تصرف الأعمال، والمتهمة بأنها حكومة حزب الله والواقعة تحت سيطرته، والتي نجح حزب الله عبرها بضم لبنان الى ما يسمّونه بالمحور الإيراني، وبعضهم يقول بالوقوع تحت الاحتلال الإيراني.
– اذا استعملنا الوقائع كأداة للقياس سنكتشف أن الحكومة دفعت بوزير إعلامها للاستقالة بلا سبب وجيه سوى طلب الرضا السعودي، فهل يحدث هذا في بلد آخر أو في حكومة أخرى؟
– بالوقائع أيضاً وقف رئيس الحكومة بقوة ضد أي طلب الإعفاء ولو مؤقت لحاكم المصرف المركزي، حتى تنتهي الملفات القضائية المرفوعة عليه، والحاكم هو نفسه الذي أعلنته السفيرة الأميركية خطاً أحمر خلال فترة حكومة الرئيس حسان دياب، ويصفه الرئيس ميقاتي بالضابط الذي لا يمكن الاستغناء عنه خلال الحرب.
– بالوقائع أيضاً جمّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعمال حكومته لشهور، حتى تراجع ثنائي المحور، حزب الله وحركة أمل، عن اشتراط المشاركة في الاجتماعات الحكوميّة حتى تتم تنحية القاضي طارق بيطار، الذي أصدرت لجان في الكونغرس الأميركي بيانات واضحة لمساندته، ولم يعترض عليه إلا وزراء ونواب «المحور»، وتمسك الرئيس ميقاتي بالقاضي حتى تراجع وزراء «المحور»، وموقف الحكومة ورئيسها ليس مجرد دعم لفكرة استقلال القضاء، بينما تشترك الحكومة بتغطية ملاحقة القاضية غادة عون لأنها تجرأت ولاحقت حاكم المصرف.
– بالوقائع أيضاً تدير الحكومة التي يقاطع مثيلتها اصدقاء أميركا والرياض ملف الحدود البحرية للبنان بالتنسيق والتشاور مع وسيط عيّنته الإدارة الأميركية اسمه عاموس خوكشتاين يحمل الجنسية الإسرائيلية وخدم في جيش الاحتلال.
– بالوقائع أيضاً في حروب المنطقة والعالم، حربان، حرب في اليمن، وحرب في أوكرانيا، وفي الحربين تقف الحكومة دون الكثير من حلفاء أميركا، حيث تقف السعودية وأميركا.
– بالوقائع أيضاً وأيضاً لا تبحث الحكومة ومثلها التي ستليها أي عروض تقدّمها أية شركات لا تحظى بقبول أميركي، وهذا هو مصير كل العروض الروسية والصينية والإيرانية، الإهمال وإدارة الظهر بذرائع مختلفة.
– يرفضون المشاركة بالحكومة ويتهمونها بالمحور، لأن مهمتهم المقررة هي استثمار المنصات السياسية والنيابية والإعلامية للتحريض على المقاومة، ولو بالأكاذيب، لأن المطلوب نيل المزيد من الالتحاق المهين والمذل بالإملاءات الأميركية، ولبنان بالمناسبة في أسفل قائمة الذل في العلاقة بالأميركيين، فتطبق القرارات الأميركية المالية في لبنان قبل أميركا، بينما يجرؤ حلفاء أميركا في المنطقة بقول لا، كما تفعل تركيا ودولة الإمارات بخصوص العقوبات على إيران وروسيا، وكما تفعل السعودية بخصوص العقوبات على روسيا، وكما تفعل الإمارات بالعلاقات مع سورية، ولبنان الذي يحتاج التواصل مع الحكومة السورية لحل سريع لقضية النازحين السوريّين ينتظر الإذن الأميركي بزيارة وفود حكوميّة رفيعة الى سورية، كما انتظر ليتجرأ وفد حكوميّ على زيارة سورية لبحث التعاون في ملف الكهرباء.
– المذلّة لا تكفي، وجب أن يزيّنها النفاق، فنصدق أن لبنان الرسمي في محور المقاومة، ونجهد لنثبت البراءة بمزيد من الذل، مبارك للسيادة والاستقلال.