حراك سياسي فلسطيني ملحوظ في بيروت: ضرورات القضية أم منافسات بين الفصائل؟
} عبد معروف
كثفت القيادات المركزية الفلسطينية من تحركاتها السياسية في لبنان، بصورة لافتة، وتوزع حراك القيادات خلال الساعات والأيام الماضية، بين زيارات رسمية وحزبية واجتماعات فصائلية ومهرجانات شعبية، ما أثار موجة من التساؤلات في الأوساط اللبنانية والفلسطينية المتابعة، عن أسباب وأهداف وخلفيات هذا الحراك الفلسطيني المشتت/ المكثف، الذي أبرز حجم انقسام الفصائل وعدم قدرتها على وحدة وفودها وموقفها أمام القيادات الرسمية والحزبية اللبنانية.
وتؤكد مصادر متابعة، أنّ رئيس الجمهورية اللبنانية التقى خلال أيام قليلة وفد منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الدكتور أحمد أبو هولي، الذي استعرض مع الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين تطورات القضية الفلسطينية وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبعد ذلك وخلال أيام قليلة زار عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عباس زكي رئيس الجمهورية اللبنانية والتقى القيادات اللبنانية عارضاً تطورات القضية الفلسطينية والعلاقات الثنائية.
كما زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية رئيس الجمهورية اللبنانية والتقى خلال الساعات الماضية رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وكان التقى قيادات سياسية وحزبية لبنانية.
الوفود القيادية الفلسطينية تلتقي الرؤساء والقادة اللبنانيين يستعرضون (تطورات القضية والأوضاع في المنطقة).
وفي بيروت أيضاً الأمين لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، وماهر الطاهر الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ونائب الأمين العام للجبهة جميل مزهر، وأبو نضال الأشقر الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، والدكتور طلال ناجي الأمين العام للجبهة الشعبية – القيادة العامة، وخالد عبد المجيد أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني.
وقد اجتمعت هذه القيادات، بشكل ثنائي وجماعي وبحثت تطورات القضية الفلسطينية.
وكان من أبرز اللقاءات، الاجتماع الذي ضمّ رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية وزياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وبحث الطرفان خلاله التطورات الميدانية والسياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وما يجرى في القدس والمسجد الأقصى، ومحاولات تقسيمه زماناً ومكاناً والتهديدات المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
واستعرض خلال الاجتماع المتغيّرات السياسية وجهود الاحتلال للتوغل في المنطقة عبر بوابة التطبيع وانعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية وشعوب المنطقة.
وجرى التأكيد خلال اللقاء على المقاومة الشاملة خياراً استراتيجياً للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي».
وبحث الطرفات أوضاع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومخيمات اللجوء، وسبل توفير الحياة الكريمة له أينما كان، كما بحث اللقاء الجهود المبذولة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة مواجهة الاحتلال وتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا الفلسطيني.
كما بحث وفد من حركة «حماس» برئاسة إسماعيل هنية، مع وفد من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين برئاسة نائب الأمين العام جميل مزهر، التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية على الصعيد الميداني والسياسي. واستعرض اللقاء الذي نظم في العاصمة اللبنانية بيروت، ما يجرى في مدينة القدس المحتلة من تسارع في عملية التهويد ومحاولات الاستيلاء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وكذلك محاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، والتصعيد الميداني ضدّ قطاع غزة، وتصاعد الاستيطان في الضفة، وسبل التعامل مع هذه الوقائع وخاصة عبر المقاومة الشاملة.
وناقش اللقاء محاولات الاحتلال اختراق المنطقة عبر بوابة التطبيع ومحاولة صياغة تحالفات إقليمية ضارة تعزز مساعي الكيان الصهيوني نحو الهيمنة، فضلاً عما يقوم به الاحتلال من سرقة ثروات الأمة بما يتطلب تثبيت القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة، وبذل الجهد المكثف لقطع الطريق أمام توغل الاحتلال على حساب القضية وشعوب المنطقة.
ودار نقاش حول سبل ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز مشروع المقاومة، وتطوير العمل المشترك لمواجهة مخططات الاحتلال في مختلف الاتجاهات نحو تحقيق الأهداف العليا وثوابت الشعب الفلسطيني.
كما التقى نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد جميل مزهر، في بيروت، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة الدكتور طلال ناجي ونائبه خالد جبريل «أبو العمرين» وعضو المكتب السياسي مسؤول الاعلام أنور رجا في لقاء تشاوري ناقش مجمل التطورات الراهنة.
وتناول الاجتماع عدد من القضايا الراهنة، أهمّها سُبل تعزيز العلاقات الثنائية والنضال المشترك بما يحفظ للشعب الفلسطيني مؤسساته الوطنية، ويستعيد وحدتها على أسس وطنية مقاومة للاحتلال الصهيوني، وعلى أسس ديمقراطية تُحقق الشراكة الوطنية والتعددية الديمقراطية وعدالة التمثيل.
واتفق الطرفان على استمرار الحوار وتعزيز العلاقات الثنائية، مؤكدين بأنّ سياسات ورؤى الجبهتين تنبعان من رؤى وطنية جامعة وموحدة تتجاوز البنى التنظيمية، وتؤكد على الصيغ الجامعة، والقائمة على أساس العمل الميداني المشترك.
وأكد الطرفان على رفضهما أية اصطفافات في إدارة الشأن الداخلي الفلسطيني تعمل على الحدّ من قدرة الفلسطينيين على تجميع طاقاتهم، مُشدّدين على أنّ هذا هو جوهر نظرة الجبهتين للدور الوطني وللعلاقات الوطنية، خصوصاً وأنّ أيّ اصطفافات ستضر بالعلاقات الوطنية التكاملية، وستعزز حالة الانقسام وتُسّعر من أدواته.
وأجمع الطرفان على ضرورة استثمار كلّ الوسائل التي تساهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الإرهاب الاستيطاني الصهيوني، وخاصة أهالي مدينة القدس الذين يواصلون معركة الدفاع عن المقدسات والهوية والوجود، وأهمية تمليك الفلسطينيين كل الأدوات النضالية الهادفة للتصدي للاحتلال، مع تجنيبهم أي صراعات أو تناقضات داخلية، مؤكدين أن هذه الأدوات يجب ان تجمع ولا تفرق، وأن أي أداة كفاحية يجب أن تُجنبّ الشعب الصراع على السلطة أو القيادة.
وفي ختام اللقاء، أكد المجتمعون بأنّ الشرعية الوحيدة لأي مؤسسة وطنية لا بدّ أن تستند لحق الفلسطيني بانتخاب ممثليه بعدالة وشمولية، مؤكدين أنّ الحق الديمقراطي لا يتجزأ، والأصل في المسألة هو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية مقاومة، وأن يكون جوهرها مجلس وطني منتخب توحيدي يحررها من نهج التفرد والهيمنة والاستخدام.
(محمود النمر) لاجئ فلسطيني من مخيم شاتيلا، أعرب عن أمله أن يكون الحراك السياسي الفلسطيني في لبنان، مقدمة للحشد ووحدة الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية، وأن يكون هذا الحراك مقدمة لرفع الظلم والقهر والحرمان الذي تتعرّض له جموع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ورفع البؤس والمأساة من خلال التفاهم الداخلي الفلسطيني وممارسة الضغط على «الأونروا»، والاتفاق مع الدولة اللبنانية من أجل منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية والإنسانية، وقال اللاجئ الفلسطيني مستدركاً، وإلا فإنّ كلّ هذا الحراك السياسي لن يكون له ثمرة، سيكون كطاحونة هواء، ضجيج بدون حنطة تطعم الفقراء البائسين داخل المخيمات.