جعجع: التعطيل حتى الانتخابات الرئاسيّة أم تعطيلها؟
ناصر قنديل
– منذ سنتين والقوات اللبنانيّة ترهن الحياة السياسية في البلاد باعتبار أن لا قيمة لأي حلول تطرح قبل أن تجري الانتخابات النيابية، ووضعت القوات للانتخابات هدفاً هو نقل الأغلبية النيابية من ضفة مؤيدي وحلفاء المقاومة الى الضفة المناوئة، لكن القوات كانت تجيب عن سؤال، ماذا لو فشل السعي بالحصول على الأغلبية فتقول إنها تحترم إرادة اللبنانيين.
– انتهت الانتخابات واحتفلت القوات بالنصر، ثم اكتشفت بأن نيل الأغلبية كان مجرد وهم، وجاءت الاستحقاقات تباعاً، رئاسة مجلس النواب، نائب رئيس المجلس، هيئة مكتب المجلس، وتسمية رئيس للحكومة، وفيها جميعاً فشلت القوات بتظهير وجود الأكثرية المزعومة والموهومة، لكنها بقيت تتحدّث عن النصر، وعن خلل إداري يجب تصحيحه في الأكثرية الجديدة.
– ليس لدى أحد مشكلة في أن تضع القوات أو سواها هدفاً خاصاً، لكن أن تتكرّر اليوم مع الحكومة ذات لعبة الانتخابات، فتقول القوات إنه يجب منع قيام حكومة جديدة، وإن لا حل يجب تسهيله لأي مشكلة يعاني منها اللبنانيون، طالما أن أي حل يستدعي وجود حكومة، وأن الأولوية هي لإجراء الانتخابات الرئاسية، فهذا يعني أن القوات قرّرت معاقبة اللبنانيين على عدم نيلها الأغلبية النيابية وعلى يقينها بالفشل المحقق في الانتخابات الرئاسية، التي يتولاها مجلس النواب المنتخب قبل شهرين، والذي تقول كل استحقاقاته إن القوات لن تستطيع تشكيل تحالف يضمن الأغلبية لإيصال مرشح تدعمه القوات إلى الرئاسة.
– بقدر ما يكشف موقف القوات عن غيظ وغضب من الفشل، فهو يهدّد الحياة الوطنية بالخطر، فأن يجاهر فريق بالسعي لتعطيل قيام حكومة، يفتح الباب للمجاهرة غداً بأنه يجب منع إجراء الانتخابات الرئاسيّة لمنع وصول مرشح حليف لحزب الله، ولا شيء يمنع القوات من قول ذلك، والسعي لترجمته عملياً، حتى لو كان الفشل المؤكد حليفها.
– كلام القوات خطير ولا يجب الصمت عنه وفي تاريخ القوات ما يقول بأن الوسائل الديمقراطية حديثة العهد على خبراتها، وفهمها للوسائل الديمقراطية خاص جداً، ففيه مثلاً قطع الطرقات، وفيه التشجيع على الفوضى، وإذا كان هدف القوات من الانتخابات الرئاسية ميؤوساً من تحقيقه، فستصبح الانتخابات الرئاسية في خطر، ولا شيء يمنع تكرار أسباب الدعوة لتعطيل تشكيل الحكومة، للدعوة لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وللقوات مواقف مكرّرة عنوانها، يجب منع وصول أيّ مرشح قريب من حزب الله بكل الوسائل، وما دار بين جعجع والحزب التقدمي الاشتراكي أخاف النائب السابق جنبلاط مما يبيته جعجع، بالدعوة لحلف يلتزم منع كل من النائب جبران باسيل والنائب السابق سليمان فرنجية من الوصول الى الرئاسة، بكل الطرق والوسائل، وافتراض أن الفراغ الرئاسي سيفتح الباب لمداخلات دولية للبحث عن التسويات، وجعجع مهتم في مرحلة أولى بضمان الثلث المعطل عبر تحالف يمنع تشكيل النصاب اللازم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، بعدما كان ينتقد حزب الله لتعطيله النصاب دعماً لوصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.
بالإضافة إلى ضرورة مواجهة دعوة جعجع لمنع تشكيل حكومة، يجب من الآن التحسب لخطر إقدام جعجع على كل ما يمكن أن يؤدي الى تعطيل الاستحقاق الرئاسي، لأن الكلام عن منع وصول مرشحين يرفضهم جعجع، في ظل افتقاده للأغلبية اللازمة لذلك، يعني شيئاً واحداً هو منع إجراء الانتخابات الرئاسيّة في موعدها، وإذا لم يتوافر ثلث معطّل متماسك يعطل انعقاد جلسة الانتخابات، يجب الانتباه والتساؤل عن ماهية الوسائل الممكنة عندما يلفظها جعجع!