إحياء ذكرى اختطاف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة فيروزنيا: العدو الصهيوني يتحمّل المسؤولية والملف مفتوح على مصراعيه حتى خواتيمه قانونياً وإنسانياً
أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد جلال فيروزنيا، أنّ العدو الصهيوني «لم يراعِ الحرمة الإنسانية منذ نشوء كيانه الغاصب عام 1948 باحتلاله فلسطين وتشريد شعبها وارتكاب أفظع المجازر في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني والشعوب العربية المجاورة لفلسطين»، مشيراً إلى أنه ارتكب جريمة اختطاف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة من دون أن تردعه حصانتهم الديبلوماسية . وشدّد على أنّ «ملف الاختطاف مفتوح على مصراعيه حتى خواتيمه المرجوة سواء على الصعيد القانوني الجنائي الدولي أو على الصعيد الإنساني».
مواقف فيروزنيا جاءت خلال إحياء سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذكرى اختطاف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة محسن الموسوي، أحمد متوسليان، كاظم إخوان وتقي رستكار مقدم، في احتفال أقامته استنكاراً للجريمة، في مركز الإمام الخميني الثقافي ـ طريق المطار.
حضر الاحتفال وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ ناموس المجلس الأعلى سماح مهدي وعميد الخارجية غسان غصن، إلى جانب د. طلال حاطوم ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، النائب أمين شري، رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم ممثلاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، د. غازي قانصو ممثلاً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وزراء ونواب سابقون وشخصيات عسكرية وحزبية وفاعليات اجتماعية ونقابية وديبلوماسية وممثلو الأحزاب اللبنانية والإسلامية والفصائل الفلسطينية.
قدّم للاحتفال د. علي قصير الذي أكد أنّ «قضية الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة هي قضية حق وحرية وستبقى وصمة عار على جبين مرتكبيها».
وألقى فيروزنيا كلمة قال فيها «أتوجه بالشكر والتقدير لكم لمشاركتكم وتضامنكم مع الحرية والإنسان والحق والعدل مع قضية إنسانية أليمة عندما افتقدت سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ 40 عاماً أربعة رموز لها سعادة القائم بالأعمال السيد محسن الموسوي والسادة أحمد متوسليان، تقي رستكار مقدم وكاظم إخوان – كانوا رسل محبة وصداقة وأخوة للشعب اللبناني، في مواجهة العدو الصهيوني إبّان غزوه واحتلاله عام 1982 لمدينة بيروت، أول عاصمة عربية بعد القدس، فارتكب العدو الصهيوني، جريمة اختطافهم من دون أن تردعه حصانتهم الديبلوماسية، خارقاً بذلك كل المواثيق الدولية التي ترعى حرمة وحصانة الهيئات والممثليات الدبلوماسية وهو الذي لم يراعِ الحرمة الإنسانية منذ نشوء كيانه الغاصب عام 1948 باحتلاله فلسطين وتشريد شعبها وارتكاب أفظع المجازر في حق الشعبين الفلسطيني واللبناني والشعوب العربية المجاورة لفلسطين وما زال يمارس إرهابه قتلاً وتشريداً وتهويداً للقدس وفلسطين والمقدسات».
أضاف «لا شكّ في أن الكيان الصهيوني يتحمّل مسؤولية اختطاف هؤلاء الديبلوماسيين الأربعة من أبناء الشعب الإيراني. إذ أن كل المعلومات التي حصلنا عليها تؤكد أن الجهة المختطفة عند حاجز البربارة، سلّمتهم إلى الكيان الصهيوني الغاصب الذي يتحمّل المسؤولية الأساسية عن مصيرهم. وهذه القضية ستبقى حيّة ولن تسقط بتقادم الزمن لأنها قضية حق وحرية وستبقى وصمة عار على جبين مرتكبيها أفراداً أكانوا أم أحزاباً والكيان الصهيوني».
وتابع «إن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ تُقدّر الجهود التي بُذلت خلال السنوات الماضية من قبل الحكومة اللبنانية لمتابعة هذا الموضوع، مثل الكتاب الذي أرسل بتاريخ 13 أيلول 2008 من قبلها إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في ذلك الحين الذي يؤكد أن الاختطاف قد جرى على الأراضي اللبنانية، تُشدد على استمرارية جهودها المخلصة وإبقائها على سلم الأولويات. فالقضية تظلّ حية مستمرّة وملف الاختطاف مفتوح على مصراعيه حتى خواتيمه المرجوة سواء على الصعيد القانوني الجنائي الدولي أو على الصعيد الإنساني».
وجدّد الدعوة «إلى مؤسسات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان للقيام بالواجبات الملقاة على عاتقها من أجل كشف مصير إخوتنا الدبلوماسيين وتشكيل لجنة دولية من قبل الأمانة العامّة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي وبقية اللجان الحقوقية لتقصّي الحقائق من أجل تبيان كل أبعاد هذه القضية. فسياسة اللامبالاة والتعامي وعدم الجدية في متابعة مثل هذه القضايا الإنسانية من شأنها تشجيع المعتدين على اعتداءاتهم والإيغال في ارتكاب جرائمهم».
وشكر الحضور «لما فيه من دعم لهذه القضية المحقة والعادلة، قضية حرية الإنسان واحترام الأعراف والمواثيق الدولية»، آملاً «أن نشهد في المستقبل القريب تحرير كل الأسرى والمعتقلين من سجون الكيان الصهيوني ولاسيّما الأعزّاء الذين نقف إلى جانبهم في هذا اللقاء التضامني».
منصور: الخاطف معروف والدولة اللبنانية مطالَبة بملاحقته
وألقى وزير الخارجية والمغتربين الأسبق د. عدنان منصور كلمة وصف فيها اختطاف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة بـ «الجريمة البشعة»، لافتاً إلى أنه «نفّذها حاجز ميليشيوي مسلّح معروف في المكان والانتماء» وأكد أنها «ما زالت تتفاعل في الذاكرة، تاركةً وراءها مأساةً إنسانية وآلام نفسية وأوضاعاً ثقيلة على زوجات وأبناء وأهالي وأقرباء الدبلوماسيين المخطوفين الأربعة بعد هذه السنوات الطويلة»، معتبراً أنه «آن الأوان للكشف عن ملابسات هذه الجريمة إذ لا يُمكن التغاضي بأي شكل من الأشكال عن ملاحقة الجناة وكشف هويتهم ودورهم من أجل معرفة مصير الدبلوماسيين بعد هذه السنوات».
أضاف «إن عملية الخطف تمّت على أرض لبنانية ما جعل الدولة اللبنانية أمام مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية من أجل وضع حدّ لهذا الملف بكل شفافية وجراءة وخصوصاً أن حماية الديبلوماسيين المخطوفين واجب يقع على الدولة المضيفة وأجهزتها الأمنية».
ورأى أنه «لا بدّ من تضافر الجهود اللبنانية والإيرانية بغية الوقوف على تفاصيل الخطف ومحرّضيه ومنفذيه، لا سيما أنّ الحاجز الذي منه تمّ اختطاف الدبلوماسيين الأربعة معروف للجميع وهو موجود في نقطة جغرافية محدّدة ومعروفة. أيضاً لا ننسى لمن تنتمي ولمن يقودها ويوجهها وبالتالي يُعرف من خلالها إلى أين اقتيد المخطوفون».
وشدّد على أنه «لا يجوز التلكؤ والمماطلة في ملاحقة المجرمين وإبقاء الأمور على ما هي عليه من دون أي تقدم في مجال التحقيقات وإلقاء القبض على الجناة المنفذين للجريمة والمشاركين والمحرّضين عليها»، مجدّداً «تضامننا الكبير مع أُسر المخطوفين وتحسّسنا العميق تجاههم، رافعين الصوت عالياً، مطالبين السلطات اللبنانية المختصة وضع حدّ نهائي لهذا الوضع الشاذ وإلقاء القبض على المجرمين وسوقهم إلى العدالة، حفاظاً على سُمعة لبنان ومسؤوليته الأخلاقية والإنسانية وأداء أجهزته الأمنية وعلى العلاقات الطيبة التي تربط البلدين الشقيقين لبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية».
قنديل: ماذا لو كان الدبلوماسيون من الغرب أو الخليج؟
وكانت كلمة لرئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل قال فيها «في هذه الذكرى أولاً ذكرى وتذكير، ذكرى لهؤلاء الديبلوماسيين المظلومين الذين اختطفوا على حاجز من حواجز القوات اللبنانية الميليشيا العميلة التي تُحاضر فينا اليوم بالسيادة والوطنية. هؤلاء الدبلوماسيون الذين آمنوا وتصرّفوا على قاعدة أنهم في دولة يحكمها قانون وأن الخلافات الداخلية فيها لا تدور حول مفهوم السيادة. وأن أدعياء السيادة هم الذين يمكن أن تختلف معهم لكن أن تعبر آمناً على حواجزهم».
وسأل «من الذي باع السيادة اللبنانية، الديبلوماسيون الذين تعاملوا تحت سقف القانون وفقاً لقواعد ومواثيق وأعراف العمل الدبلوماسي أم الذي سلمهم للعدو المحتل الغاصب، وإلا متى سيحق لهذا المتشدق بالسيادة أن يُحاضر فينا بعفتها بينما هو من انتهك مقاييسها وأعرافها».
وقال «تذكير أيضاً بأن نتخيّل أيضاً ولو من باب الخيال العلمي، ماذا لو كان هؤلاء الديبلوماسيون ينتمون إلى سفارة دولة غربية أو خليجية واختطفوا على حاجز موازٍ لقوى محسوبة على الخيار الوطني أو العربي أو المقاوم، ولا نقول ماذا لو تمّ تسليمهم إلى سورية أو إيران، ماذا كان سيحدث وكيف كانت ستتمّ عملية المواكبة الإعلامية في عالم يسود فيه الكذب والنفاق وسائل الإعلام. هذه رسالة للإعلاميين اللبنانيين ليسألوا أنفسهم في سرّهم، هل أن هناك معايير أخلاقية تحكم السياسة وتحكم الإعلام في لبنان؟».
وختم «نحن في هذه المناسبة مع أربعة عقود نُحيي ذكرى هؤلاء لنتعلّم من مدرسة الجمهورية الإسلامية في إيران ونأمل أن يتعلّم الكثيرون معنى الإحياء والحياء، الحياء في الأداء والمعاملة يا سعادة السفير الذي تُنهي مهمتك قريباً وتعود إلى طهران، كنت مدرسة في الحياء واحترام القوانين والأعراف، وليس فقط في إحياء الصداقة والأخوة والعلاقات بين الجمهورية الإسلامية في إيران وبين لبنان، دولةً وشعباً ومقاومة. نحن نفتخر بك كأبناء أربعة عقود نقف تحت هذه الراية التي رفعها الإمام الخميني، قُدّس سرّه، ويسير بها القائد السيد الإمام الخامنئي ويُجسده بصورة حية سماحة السيد حسن نصرالله والمقاومة في لبنان. فخورون بأننا أبناء هذه المدرسة الأخلاقية والإنسانية قبل أن تكون مدرسة العزّة والشرف».
ولهذه المناسبة أيضاً، أقام «تجمّع العلماء المسلمين» احتفالاً تكريمياً لفيروزنيا تقديراً منه لدوره في دعم الوحدة الإسلامية وللخدمات التي قدمها للبنان وللشعب اللبناني، في مركزه في حارة حريك وقدم له درعاً تكريمية.
وكان السفير الإيراني زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مودّعاً لمناسبة انتهاء مهامه في لبنان.