الثامن من تموز… قدوة لا يقربها الغياب
داليدا المولى _
زعيمي، إنه الثامن من تموز يعود بنا إلى ذاك الليل الطويل ومرارة فجره… على ذاك الرمل ضجّت بشهادتك الدنيا وأسدلت أحمرها القاني على تاريخ هذه الأمة المضرّجة بالغربة عنك.
الثامن من تموز لا يمثل الحدث الجلل وحسب، هو الشاهد والحاضر الدائم على مَن ولد ثائراً وأمضى حياته نهضوياً واستشهد قدوة في سبيل القضية الأساس، في سبيل سورية ونهضتها.
أنطون سعاده، صاحب القضيّة والنهج والمنهج والقدوة والمعلم في كلّ خطوة قام بها تعبيراً عن إيمانه المطلق بما حمله من مبادئ وقيم ومناقب ومارسها عقيدة حياة بالفعل لا بالقول.
لم يشهد العالم زعيماً مثله، بتفانيه وتواضعه وعطائه وحضوره ونذره الفكر والنفس والحياة على درب النضال. مثّل مشهدية مختلفة عما اعتادته الشعوب من الزعماء في مسيرته وما حاول جاهداً إرساءه.
الثامن من تموز هو القوميّة الاجتماعيّة بكلّ أبعادها، هو المؤسّسات التي أوصانا بها سعاده بعد العقيدة، واحترامها في كلّ خطوة وتحمّل المسؤولية تجاه الأمة لا الدخول في سراديب الفردية والشخصانية والمصلحة الضيقة القاتلة.
هو سعاده النهضة السورية الحقة، وإعادة الاعتبار لشخصية الأمة والتمسك بهويتنا دون مواربة التقسيمات ومحاذير السياسة، والوثوق بأنّ القومية الاجتماعية هي نظرة شاملة للحياة والفكر في سورية بما يضمن حياتها ورقيّها ومستقبل أفضل لأبنائها.
يوم الفداء هو يوم الشهداء القوميين الاجتماعيين الذين سطّروا وقفات العزّ على امتداد الوطن وكسروا وهْم التقسيم الجغرافي والنفسي وأكدوا أنّ في سورية نساء ورجالاً حاضرين للذوّد عن كلّ حبة تراب فيها من شمالها إلى جنوب الجنوب.
الثامن من تموز هو انتصار الـ “نحن” على الـ “أنا” وتغليب مصلحة المجتمع على مصالح الأفراد بكلّ المعايير.
زعيمي… سيبقى تموزك ناقوساً لكلّ قومي اجتماعي يعي أنّ القيَم العليا هي مطالب النفوس العظيمة وأنها تمثل المعنى الأخير للحياة، وستبقى من علّمنا الحب والعقيدة والأخلاق والإيمان والصراع والعزّ… والأهمّ أنك القدوة مَن مارستَ كلّ تعاليمكَ، ما علِمناه منك وما لم نعلمه، تصنع من هذه التعاليم نهج حياة فلا يقربك الغياب.
*عميدة شؤون عبر الحدود في الحزب السوري القومي الاجتماعي