الرقص على حافة الصعود الى القطبية الحلف الصهيوأعرابي ولبنان في قلب العاصفة
} د. علي عباس حمية
هل الحروب الدائرة في العالم حالياً هي صراع دول أم أحلاف أقطاب؟ الإجابة ربما ستكون قاسية على التحليل الاستراتيجي والعسكري، وأكثر سهولة على تحليلات واقع ربط التكتيكات المباشرة وغير المباشرة وصولاً إلى الاستراتيجية الشاملة.
هل فعلاً الأقطاب الصاعدة هي دول أم أحلاف؟ هي بالمختصر ستكون أحلافاً مسيطر عليها من قبل دولة قطب مهيمنة ذات قوة مع منح بعض هوامش الحركة للدول التي تدور في فلكها عالمياً أو إقليمياً.
وكما يبدو أنّ ما بعد حرب أوكرانيا وأزمة شحّ تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا قد يوقظ المطالبين وبالأخصّ ألمانيا بالانفصال عن القرار الأميركي ليكون العالم الأوروبي الجديد بقرار جديد فيتمّ فرض الفوضى الخلاقة الأميركية عليه لينقلب السحر على الساحر بربيع كبير يمزق أوروبا عرقياً ودينياً ربما لاحقاً يمتدّ ليطال ويمزق صانعة الأزمات أميركا ذاتها بأعراقها ودياناتها المختلفة ولو بعد حين.
لقد كان الهمّ الأميركي الأول في عصر الرخاء ما قبل جائحة كورونا هو حرب عملة التجارة العالمية والتي كانت في حينها متمثلة بالدولار الأميركي الذي قويت شكيمته منذ زمن عبر البترودولار العربي الحاضر شكلا الغائب عقلاً ومضموناً، ولكن مع تعمّق المشكلة لدرجة أنّ أولوية العملة ستصبح من الماضي في المستقبل القريب جداً نظراً لمرور العالم بضائقة أمن الغذاء، أمن الطاقة، وأمن الطبابة والدواء بعض البلدان ستتأثر أيضاً بأمن الماء، حيث إذا ما ترابطت جميع خيوطها لربما توصلنا إلى المساس بالأمن النووي الذي سيكون آخر التهديدات للتراجع الى التسويات والمفاوضات أو الحرب التي لا تبقي ولا تذر.
ومن جانب آخر يبدو أنّ الحرب الأميركية المباشرة مع روسيا غير واردة حالياً لأنها ستكون قاسية إلى حدّ الفناء للعنصر الأبيض والمدمّرة للغذاء والطاقة الأوروبية أولاً ثم باقي دول العالم.
أما أهون الشرور فهو في تبديل الحصار والاتجاه إلى الشرق الأقصى وتحديداً الصين، حيث إنّ الحرب على الصين بدأت فعلياً تأخذ شكلها العلني مع زيارة بايدن (كوريا الجنوبية، اليابان وتايوان)، وهو تحريض صريح ضدّ الصين واستفزازها وجرّها إلى حرب مع تايوان، وفي حال لم تنجح فالحرب التأديبية المباشرة آتية ضدّ الصين التي بدورها متهمة بلعب دور كبير بارتفاع سعر الدولار لتدمير تجارة واقتصاد أميركا.
إقليمياً إنّ تهديد تركيا لشمال سورية، بالإضافة إلى حديث ابن سلمان عن إنشاء دول التعاون مع شمال البحر الأحمر مما يعني ضمّ الكيان الصهيوني والأردن وبمراقبة مصر والسلطة الفلسطينية لمحور صفقة القرن، كما المناورات في شمال فلسطين وقبرص، مع مسيرة الإعلام ما هو إلا استفزاز لفلسطين ومحور القدس، وبالتالي فإنّ زيارة الرئيس بايدن المقبلة للمنطقة هي لإظهار وإعلان حلف الصهيو أعرابي أيّ دول مجلس التعاون الخليجي ومعهم الكيان «الإسرائيلي» ليكون مقابل ومواجه ضدّ محور المقاومة لابتداع حرب باردة في الشرق الأوسط لحماية العدو «الإسرائيلي» بحيث ستكون الأردن عمقه الاستراتيجي جغرافياً وتكون دول مجلس التعاون الخليجي عمقه الاستراتيجي العسكري والاقتصادي وسوف يعلن ذلك بعد ان تتمّ كامل الشروط لزيارة بايدن إلى الخليج وتكون السعودية قد نفذت كامل الشروط «الإسرائيلية» لكي تقبلها أميركا مع أخواتها من دول الخليج في نادي التطبيع مع الكيان المؤقت إيذاناً لإعلان بداية مرحلة صفقة القرن.
أما المماطلة في دخول سورية إلى الجامعة العربية مجدّداً ورفضها من قبل الأعراب ما هو إلا شرط من شروط نادي التطبيع الصهيو أعرابي ضدّ محور القدس.
أما لبنانياً، فإنّ الثروات البحرية هي أمّ المعارك، وللنهوض مجدّداً، يتوجب علينا حماية حدودنا وثرواتنا البرية والبحرية وحرية التنقيب والمفاوضات الجادة والمطالبة بالخط ٣١ وما بعده وهو حقنا، ومن ثم الاتجاه شرقاً عبر سورية، وما كانت مُسيّرات المقاومة إلا إنذاراً للعدو “الإسرائيلي” بالوقوف عند حدّه وإذا لم تنجح المفوضات غير المباشرة لنيل أقلّ حقوقنا فإننا سنشهد بوادر المواجهة والحرب المؤجّلة التي ستتسارع بسقوط حر لا يمكن كبحه أو توقيفه إلا بخروج منتصر واحد، ولربما تمتدّ تلك الحرب وتتوسع إقليمياً ثم عالمياً إلى أبعد مدى، من أجل ذلك اليوم لا يتوجب علينا فقط إلا الحفاظ على سلاح المقاومة ودعمه لزيادته وتطويره ليبقى الدرع الحصين، الذي لولا ذلك السلاح وقادته لما أتى الصهيوأميركي هوكشتاين ولما فاوضنا أحد لا بل أكثر من ذلك قد يلجأون إلى احتلالنا كما حصل عام 1982.