نافذة ضوء
حركة النهضة القوميّة – الاجتماعيّة
مُختَبر التفاعل الموحّد للقوى الإنسانيّة
} يوسف المسمار*
إن حركة قانون التطوير والتغيير القوميّة الاجتماعيّة هي الحركة العقليّة الثقافيّة النظاميّة النهضويّة التي هي وحدها تعبّر عن النهضة وعما تطمح إليه. وهي مختبر تفاعل الطاقات. وهي هي نافذة الضوء والممرّ الإجباريّ لخلق وتكوين ونشوء إنسان النهضة المعبِّر حقيقة عن الإرادة الشعبيّة العامة، لا الممثل لها في عمليات تسويات ومساومات وتمويهات وتضليلات.
وبدون هذه الحركة النظامية النهضوية الواعية، لا يمكن لأمتنا الحضارية المنكوبة أن تجد طريقة إنقاذها، ولا يمكن أن يكون لها مكان ودور وكرامة بين الأمم، ومن أصعب الصعوبات والمستحيل أيضاً أن تدرك تحقيق أغراضها ومقاصدها الكبرى في الحياة.
انتظار التطوّر عاملٌ مُدَمّر
إنَّ الذين يملأون مسامعنا كل يوم قولا ً وكتابة وإعلاما ً ودعايةً بكلمة «التطور»، ويدعوننا لانتظار فعل التطوّر الذي سيغير معالم حياتنا، فاتهم والتبس عليهم أنه إذا صح َّ أن يكون التطور مثمرا ً منتجا ً في الأمم التي لم تُنكب بتدمير حضارتها، فإن انتظار فعل التطور هو أكبر عوامل تدمير الأمم المنكوبة بتشويه نفسيتها، ومسخ عقليتها، وتفتيت كيانها.
ومصيبتنا الكبرى هي بحملة الشهادات والإجازات المدرسية من أبناء أمتنا الذين يتباهون بأوراق الإجازات والشهادات القرطاسية، والمخدرون بكلمة «التطوّر»، والمسحورون بها بسبب ما فعلت فيهم الثقافة المدرسية الزائفة المستوردة المضللة حين خرّبت نفسياتهم الأصيلة، وعطلت مجاري تفكيرهم الخلاق وقتلت فيهم روح المبادرة والإبداع، والاستقلال الروحيّ والنفسيّ، والشعور بمرارة الجبن والتخاذل، والطموح الى حياة العزة، فاستسلموا للأمور المفعولة المفروضة مُعطلين بذلك فعالية الحياة فيهم، كأنما هم دمى متحرّكة في واجهات المتاجر والمخازن وظيفتها استلفات انتباه المارة وإضحاكهم في مشاهد هزليّة لا تليق بأبناء الحياة الجميلة.
الغزاة المتوحّشون طمسوا وجه حضارتنا
إننا أمة شوَّه الغزاة البرابرة المتوحشون نفسيات أبنائها وليس أخطر علينا اليوم من انتظار فعل «التطوّر»، لأن الستة قرون الماضية التي مرَّت على أجيالنا، حيث عاش إنساننا خلالها مُعلبا ً في قوالب الأنانية والعرقية والطائفية والمذهبية والعشائرية والمناطقية والكيانية الضيّقة والسجون السياسية المنتنة، ومراعي قطعان محاباة الغزاة والسمسرة والخداع قد حوّلت خط سيرنا الحضاريّ، ومسخت نفوس الكثيرين من أبناء أمتنا، وعطلت فعالية عقلنا الخلا َّق، حتى خيلَ للعالم أننا الأمة التي انتهت والى الأبد.
وهذا ما سهلَ للمستعمرين العدوانيين الغزاة المجرمين أن يُمعنوا في تقطيع جسم أمتنا المريضة المنكوبة في أخطر وأبشع وأجرم عمليّة تشويه عرفتها الإنسانيّة في كل أدوار تاريخها، بحيث لم يظهر فيها خلال المدة الطويلة نبض يشير الى بعض أمل في الحياة باستثناء بعض التململ الذي كان يحصل من وقت لآخر فيزيدونه تخديراً بغية استكمال العملية التشويهية البشعة التي مزقتنا أمة ً ووطناً، لتقي على أنقاض الأمة عقليات مُتنافرة مُتباغضة مُتحصنة بأمراض الأنانية والعرقية والإقطاعية والطائفية والغباء، ولتجعل من الوطن مداخل عتبات لأحذية اليهود الصهاينة والمستعمرين الغزاة الهمجيين، وكل الأعداء المتربّصين.
وهذا ما يحتم علينا في هذا الوقت العصيب أن ننبذ ونتخلّص من انتظار فعل قانون التطوّر التلقائي واعتماد قانون التطوير القومي – الاجتماعي الإنساني الفاعل المغيّر حالة الركود الخمول، الموقظ روحيّة الأمة، والمنشّط حيويتها، والدافع الى تحريك همم روادها وطلائعها لتجديد صراعها وتحديث مطامحها ومثلها العليا التي تضيئها فلسفتها القوميّة الاجتماعيّة.
*باحث وشاعر قوميّ