الوطن

يائير لابيد والضربة القاضية

حمزة البشتاوي

بعد أن أصبح خزان القيادة فارغاً تتفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية والأمنية «الإسرائيلية»، وسط خلافات وتناقضات متأصّلة وغياب قيادات مركزية وأساسية ذات مذهب فكري وسياسي ولم يعد يتوفر سوى سياسيين وضباط متقاعدين ينتمون لأحزاب لا يوجد أيّ فرق جوهري بينها سوى التنافس على السلطة، وأكثر ما تستطيع فعله هذه القيادات والأحزاب متفرّقة او مجتمعة هو إدارة الأوضاع والحصول على الهدوء وليس إنتاج واقع جديد.

ومن هؤلاء السياسيين جاء يائير لابيد الذي ينتمي للجيل الثالث، وهو يميني متشدّد وغير متديّن ويعتبر بن غوريون الذي كان يعرّف عن نفسه بأنه ملحد ويعتبر التديّن خداعاً للنفس، مثله الأعلى، ويتربع الآن يائير لابيد على كرسي رئاسة الحكومة لأسباب عدة منها غياب ما سُمّي بجيل المؤسّسين الذين كان آخرهم اسحاق رابين الذي اغتيل برصاص مسلح يهودي، وأرييل شارون الذي لم تأت من بعده إلا قيادات مرتبطة بانتشار الفساد والرشاوى والمحسوبيات مثل يهودا أولمرت وبنيامين نتنياهو

وهذا الأخير لا يبحث إلا عن مصالحه الشخصية بخلفية إيديولوجية متطرفة مبنية على حب السيطرة والعنصرية الحاقدة المترافقة مع أزمة عدم الثقة تجاهه، وهذا ما أبعده عن الوصول إلى لقب آخر الملوك والآباء المؤسّسين خاصة بعد الهزائم التي مُنيت بها المؤسسة العسكرية والأمنية «الإسرائيلية» منذ أيار العام 2000، وحديث «الإسرائيليين» عن فقدان القيادة الحكيمة والقوية وضعف الجيش وتراجع هيبته وتنامي سيطرة الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» على القرار

وقد ساهم هذا الأمر في وصول يائير لابيد إلى منصب رئاسة الحكومة ولو مؤقتاً وهو لا يحمل شهادة ثانوية عامة وليس لديه خبرة سياسية أو إدارية أو عسكرية، وهذا ما جعل بعض التقديرات تشير إلى أنّ لابيد لن يكون سوى واجهة للجيش والمخابرات، ويتوقع أن يلعب الدور بنجاح كونه عمل سابقاً في فترة التسعينات في مجال التمثيل السينمائي ولديه مؤهّلات في كتابة الروايات والقصص البوليسية والشعر والأغاني، كما أنه عمل في الصحافة والتلفزيون مستفيداً من أسرته المكونة من أب سياسي وأم كاتبة روايات بوليسية وزوجة عملت كاتبة ومصوّرة صحافية، وفوق ذلك كله فإنّ يائير لابيد هو ملاكم غير محترف واليوم دخل الحلبة السياسية من موقع رئاسة الحكومة «الإسرائيلية»، وهذا ما سوف يزيد من الإعتماد على الولايات المتحدة الأميركية لتأمين الأمن والاستقرار والبقاء، ولكن في حال وقوع انهيار داخلي مفاجئ في الولايات المتحدة لأسباب اقتصادية أو حرب أهلية ستنشغل الولايات المتحدة بنفسها ويتراجع نفوذها بالمنطقة وعندها سينتهي كلّ شيء وبالضربة القاضية.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى