لا نزال نقاتل التنّين…
جابر جابر
توهّموا باغتياله القضاء على حزبه ومشروعه النهضوي، ولكن دماءه استحالت نفيراً لنهضة الأمة ويقظتها، وفكره توسّد الأفق ليغني ويهدي.
بعد 73 عاماً على اغتيال باعث النهضة الشهيد أنطون سعاده، نفهم جيداً فعل العقيدة في نفوس المشبعين بها إيماناً راسخاً يزول الكون ولا يزول. ونفهم أيضاً فعل الرفقاء الثلاثة الذين أردوا رياض الصلح قتيلاً لكونه أخذ على عاتقه تنفيذ جريمة اغتيال سعاده.
لذا، فإنّ ملاحقة رياض الصلح والنيل منه، كانا درساً لكلّ الأدوات الصغيرة ورداً على مشغليهم الاستعماريين والصهاينة الذين يتربّصون ببلادنا شراً وعدواناً.
واقعة القصاص من أدوات المستعمر، دلالة على أنّ أبناء هذه الأرض، من خامة الأحرار وأنّ الدماء التي في عروقهم ليست لهم بل ملك للأمة متى طلبتها وجدتها.
وما فعله القوميّون الثلاثة هو مقاومة حقّة توضح للقريب والبعيد، للقاصي الإقليمي والدولي وللداني المستخدَم داخل البلاد… أنّ هذه البلاد ومهما اشتدّت أزماتها وكثر حصارها واشتدّ القيد على أهلها، فإنّ في أبنائها روحاً تسمو نحو الحرية، وتموت في سبيل الأرض والتّراب والعقيدة.
هذه الواقعة، خير دليل على أنّ العقائد الراسخة الحقّة لا تذبل ولا تذوي لها همم، وهي واقعة تستحقّ القراءة والتمحيص في التفاصيل لكشف المؤامرة التي حيكت آنذاك ظناً منهم انّ اغتيال سعاده ينهي فكراً بحجم أمة، فكراً أضاء التاريخ.
مضت على الواقعة عقود، ومرّ في تاريخ لبنان والأمة أكثر من رياض الصلح. لكن في المقابل، فإنّ ابناء الحياة أثبتوا أنهم أبناء هذه الأمة، جديرون بالفكر والعقيدة، جديرون بالدفاع عن أرضهم في مواجهة يهود الداخل والخارج بكلّ صلافتهم وحروبهم واجتياحاتهم.
في المواجهة تجلت بسالة المقاومين بأبهى حللها، من سناء إلى وجدي إلى خالد علوان.. وتطول القائمة.
في مخاض الصراع، لا نزال في كلّ ثانية نقاتل التنّين دفاعاً عن بلادنا.. ولسنا بمتنازلين عن حقنا، ولا عن مواردنا وثرواتنا، مهما اشتدّ الحصار والعدوان.
شعبنا ينوء تحت رزح الغذاء والدواء والغلاء وبين فكّي كمّاشة فساد الداخل وأطماع الخارج.
والواقع نفسه… يغتالوننا كما اغتالوا سعاده..
فيا أبناء الحياة
بالفكر والإرادة، بالعزم والعزيمة، بالقوة الفاعلة، نواجه المتربّص بنا،.. ونهتف وعياً ويقيناً، نحن أصحاب قضية، وقضيتنا منتصرة لا محال.