اللاءات الثلاث وموسم البطيخ
حمزة البشتاوي
تحوّلات كثيرة حصلت منذ إعلان اللاءات العربية الثلاث في قمة الخرطوم عام 1967، وعبّرت تلك اللاءات وهي “لا صلح لا اعتراف ولا تفاوض” عن مرحلة سياسية طويلة، إلى أن بدأت عملية التسوية وتوقيع إتفاقيات ومعاهدات ومعها تطبيع سياسي وتعاون عسكري وأمني سيؤدّي إلى تضييق الخناق أكثر على الفلسطينيين، ومنعهم من العمل لأجل قضيتهم التي لا تزال تعتبر قضية كلّ الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والعدالة.
وقد يصل المنع إلى حدّ حظر رفع أعلام فلسطين في تلك الدول والعواصم التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع “الإسرائيليين” ومنها الخرطوم عاصمة اللاءات الثلاث، وقد يضطر الفلسطينيون والمتضامنون معهم في الأنشطة والمسيرات إلى رفع لافتات مرسوم عليها بطيخ بدل العلم الفلسطيني والكتابة أسفل اللافتة (يا ريت كله عند العرب بطيخ)، وهذا سيذكر بما كان يفعله الفلسطينيون في الداخل حين يرفعون لافتات مرسوم عليها بطيخة ويكتبون أسفل اللافتة (هذه ليست بطيخة) وسيكون للبطيخ في موسمه حضور في مواجهة التطبيع والهرولات العربية التي تخلت عن فلسطين والقدس كقضية وسارت بسياسات غير مفهومة تعطي “الإسرائيليين” ما هو أكثر من الصلح والاعتراف وحتى بدون مفاوضات وسط تناقض كبير في الاستراتيجيات واختلاف بالتحالفات وانخراط في مشاريع خارجية تقوم على تعميق الفرقة وإثارة النعرات والتفرقة…
هذا لن يمنع وخاصة في موسم البطيخ المقبل على أبعد تقدير معظم النظام الرسمي العربي من تحطيم ما تبقى من اللاءات الثلاث والذهاب نحو لاءات جديدة يطرحها “الإسرائيليون” على جميع ركاب قطار التسوية القدامى والجدد، وهي “لا اعتراف بدولة فلسطينية ولا مفاوضات مع الفلسطينيين ولا صلح بل مصالح وسيطرة اقتصادية كاملة…
هذا ما ترفضه الشعوب وفي المقدمة الفلسطينيون الذين يتمسكون بالمقاومة ويتحدثون عن بدائل متوفرة أساسها التزام خيارات الشعوب وإعادة النظر بالخيار التفاوضي وإجراء مراجعة لنتائج الاتفاقات الموقعة والتخلي الحاسم والنهائي عن التطبيع وأوهام المفاوضات التي لا يريد “الإسرائيليون” من خلالها سوى فرض شروطهم وكسر كلّ اللاءات وحالة العداء والحاجز النفسي والتخلي عن فلسطين وعلمها بألوانه… الأحمر الذي يشير إلى ما بذل من تضحيات والأخضر المرتبط بالأرض والأمل والأبيض كعنوان للمحبة والسلام الذي يتطلع اليه الفلسطينيون والأسود الذي يرمز إلى ما تعانيه فلسطين وشعبها من ظلم وقهر تحت وطأة الاحتلال…
بهذا العلم وألوانه ورمزيته ستندلع مواجهات مع الأعلام “الإسرائيلية” ليس في القدس بل في ساحات عدة تسعى لإسقاط القضية الفلسطينية التي كانت وستبقى حاضرة على جدول أعمال الشعوب وفي كلّ المواسم وليس في موسم البطيخ فقط…