بلينكن يتحدّث عن عزلة روسيا ويعلن نيّته الاتصال بلافروف… وبوريل لحل وسط للملف النوويّ / مقترحات «إسرائيليّة» لتفادي المواجهة مع تهديدات المقاومة… وعين هوكشتاين على البلوك 8 / هبة الفيول الإيرانيّة التي اقترحها نصرالله بين رفع العتب في وزارة الطاقة… ونصيحة جعجع /
كتب المحرّر السياسيّ
بينما سجلت لقاءات الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظراء دوليين من الصين الى اندونيسيا وعواصم آسيا، وصولاً لأفريقيا، والاتفاقيات الاقتصادية بعشرات مليارات الدولارات خلالها، خرج وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ليعلن عزمه الاتصال بالوزير لافروف، وهو يواصل معزوفة الحديث عن عزلة روسيا، ليسأله أحد الصحافيين عن كيفية الجمع بين الاتصال بلافروف والحديث عن العزلة؟
القرار الأميركي بالخروج عن سياسة مقاطعة روسيا تحت ضغط الفشل في الرهان على السقوط السريع لروسيا، لم يستطع بلينكن إخفاء علاقته بمصير المرتزقة الأميركيين الذين شاركوا في حرب أوكرانيا، المحتجزين لدى روسيا، رغم محاولة تغليفه باتفاق تصدير الحبوب، والإشارة الى فشل روسيا في الحرب، رغم الاعتراف بحجم ضغط أزمة الطاقة على أوروبا، التي قد تكون سبباً لقرار واشنطن الانفتاح على موسكو، لكسر جدار الجمود وفتح قنوات البدء بالبحث عن مخارج من الحرب، التي تتقدّم خلالها روسيا عسكرياً، بينما انتقل التأزم الاقتصاديّ المصمّم لروسيا إلى الضفة الأوروبيّة التي لا تبدو قادرة على مواجهة تحديات فصل الشتاء، وتحتاج من الآن لبدء التمهيد لنزول غربي عن شجرة التصعيد بوجه روسيا.
على الضفة النوويّة لعلاقة إيران بمفاوضات فيينا كشف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن تقدّمه بمقترح وسط، قال إن التنازلات التي تضمّنها تمّ الحصول عليها بشق الأنفس، وأرسلها الى الجانبين الأميركي والإيراني، آملا أن تكون الأجوبة إيجابية، ما يمهّد للعودة الى فيينا لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، وقد وضعت مصادر متابعة للملف مبادرة بوريل الجديدة في إطار التنسيق الأميركي الأوروبي للعودة الى التفاوض، في ظل انسداد البدائل، والقلق من التقدم الإيراني نووياً نحو نقاط غير مرغوبة من الغرب، خصوصاً ان التصعيد الذي تشهده المنطقة، تحت عنوان النفط والغاز بين المقاومة وكيان الاحتلال، تضع دول الغرب أمام خيارات صعبة منها خسارة فرص الحصول على نفط وغاز البحر المتوسط، والتراجع أمام لبنان بالضغط على كيان الاحتلال، يشكل إخلالاً بالتوازنات لصالح محور المقاومة يخشى ان يؤدي الى مزيد من الخطوات التصعيدية، ويفقد المعركة على المقاومة زخمها مع تحولها الى مصدر تحصيل الحقوق وحل للأزمات، ولذلك يكون من الأفضل أميركياً وغربياً واسرائيلياً تصوير التراجع أمام المقاومة كجزء من كل عنوانه التسويات والحلول التفاوضية. وفي هذا السياق يمكن لحل سريع للملف النووي أن يطغى على التراجع أمام المقاومة في ملف النفط والغاز، كما ان عودة إيران الى سوق النفط والغاز بنتيجة أي اتفاق ينهي العقوبات لا تزال هدفاً أميركياً وأوروبياً في ظل ازمة الطاقة التي تعيشها أوروبا بفعل تداعيات المواجهة مع روسيا في حرب أوكرانيا.
في ملف النفط والغاز كشفت مواقع إسرائيلية عن مبادرات جديدة قدّمتها حكومة كيان الاحتلال للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، بهدف تسريع التوصل لحل تفاوضي مع لبنان تفادياً لمواجهة صار ثابتاً، وفقاً للمحللين والخبراء في كيان الاحتلال أن المقاومة قد عزمت على مواصلة خطواتها التصعيدية لنيل حقوق لبنان حتى لو أدّى الأمر إلى حرب، لكن مصادر تتابع ملف التفاوض حول الحدود البحرية للبنان حذرت من مقترحات هوكشتاين التي لا تزال تقوم على مقايضة حقل قانا باقتطاع جزء من البلوك 8 لحساب «إسرائيل»، في ظل معلومات عن احتواء البلوك على كميّات ضخمة من الغاز.
وفي التفاعلات حول موقف المقاومة بقي مقترح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتأمين هبة من الفيول الإيراني لكهرباء لبنان في الواجهة، وبقيت التعاملات الرسمية في وزارة الطاقة رغم طابعها الإيجابي، في دائرة رفع العتب، فلم تبادر الوزارة الى الاتصال بأي من وزراء حزب الله طلباً لفتح قناة اتصال مع الجهة المعنية في إيران لبلورة مسودة اتفاق تقني يمكن عرضه على الحكومة وطلب الاستثناء من العقوبات الأميركية على أساسه، بينما ظهر حجم الإحراج الذي تسبب به العرض لخصوم المقاومة بكلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن دعوة الحكومة لقبول العرض لثقته بأنه لن ينفذ، وكان السيد نصرالله قد قال، إن الذين يشككون بصدقيّة العرض مطالبون لاختبار جدية المقاومة وايران في تنفيذه، قائلا مع أننا صادقون ولا نكذب وهذا تاريخنا، لكن لا نمانع بتطبيق قاعدة الحق الكذاب لباب الدار مع هذا العرض لرؤية النتائج.
وتترقب الأوساط السياسيّة زيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين الى بيروت المتوقعة مطلع الأسبوع المقبل، وما سيحمله من مقترحات في جعبته لبناء الموقف الرسمي اللبناني وموقف المقاومة على الشيء مقتضاه. وسط ترجيح مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء»، عودة الطرفين اللبناني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات في الناقورة لاستكمال التفاوض قبل منتصف آب المقبل والتوصل الى حلٍ وسطي ليصار الى توقيع الاتفاق قبل موعد بدء استخراج الغاز من حقل «كاريش» في أيلول المقبل.
كما في لبنان، فقد قفز ملف الترسيم الى الواجهة في كيان الاحتلال وتحوّل الى الخبر الرئيسي في إعلامه، نظراً للآمال التي يعلقها كيان العدو على مشروع تصدير الغاز الى اوروبا على الصعيد المالي والاقتصادي الذي يصب في خدمة تعزيز مقومات الحياة لهذا الكيان وحل أزماته المالية والاقتصادية المتراكمة والحد من موجات هجرة المستوطنين الى دول العالم.
وقد حفلت وسائل الاعلام الاسرائيلية بالكثير من التعليقات والتحليلات والمعلومات عن مصير ملف الترسيم وموقف الحكومة الاسرائيلية والتوجهات والخيارات المتوقعة، فضلا عن دعوات بعض الجنرالات الرفيعي المستوى الى أخذ تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة على محمل الجد.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية «كان 11»، بأن «مسؤولين في «إسرائيل» يعتقدون أن الخلاف البحريّ مع لبنان على وشك الانتهاء والتوصل إلى الحل». وأشارت إلى أنه «من المتوقع أن يحمل المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى لبنان الأسبوع المقبل، إطار العمل لاتفاق، والذي سيكون في الواقع بمثابة حل وسط بين مطالب «إسرائيل» ومطالب لبنان»، زاعمة أن «منصة غاز كاريش ستكون مدرجة في أراضي «إسرائيل»، وستقوم الشركة نفسها بالتنقيب في كل من «إسرائيل» ولبنان».
من جهته كشف موقع «والا» بأن «إسرائيل قدمت الثلاثاء الماضي إلى الولايات المتحدة اقتراحاً محدثاً بشأن مفاوضات الحدود البحرية مع لبنان«. ولفت مسؤولان إسرائيليان كبيران مطلعان على الملف، للموقع المذكور، الى أن «الموقف الإسرائيلي نقل إلى البيت الأبيض قبيل وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت الأسبوع المقبل».
ويتوقع الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد د. هشام جابر أن يقوم حزب الله بإرسال المزيد من المسيّرات الحربية التي تحمل على متنها قنابل أو صواريخ صغيرة الحجم تلقيها على محيط الباخرة الإسرائيلية، إضافة الى إرسال زوارق حربية أو غواصات لإعاقة أعمال استخراج الغاز، إذا ما أصرّ العدو على الاستخراج قبل تلبية مطالب لبنان، الأمر الذي سيؤدي الى إخلاء الشركات العاملة في المنطقة التي ستتحول الى منطقة عسكرية غير آمنة، وبالتالي ليست منطقة جاذبة للاستثمار الاقتصادي في النفط والغاز. لذلك لا مصلحة لـ»إسرائيل» بذلك ما سيحرمها من استثمار حقول النفط في فلسطين المحتلة التي أنفقت مئات ملايين الدولارات على «مشروع تصدير الغاز الى أوروبا».
ويشير جابر لـ»البناء» الى أن «حزب الله يستطيع تدمير منصة الاستخراج الإسرائيلية بصواريخ أرض بحر». مرجحاً «أن ترضخ «اسرائيل» الى الخيار السلمي. ويؤكد جابر أهمية إظهار السيد نصرالله عناصر القوة في اطلالته الأخيرة وما قبلها، ويلفت الى شرطين لكسب لبنان المعركة التفاوضية وضمان حقوقه في المفاوضات المقبلة: الحق القانوني من مستندات وخرائط. وهذا أعدته قيادة الجيش عبر الوفد العسكري برئاسة العميد بسام ياسين وأعضاء الوفد، والثاني القوة الميدانيّة وهذا ما توفره المقاومة. وينتقد جابر الجهات التي تتهم نصرالله بمصادرة قرار الحرب والسلم، ويشير الى المبدأ العسكري: «أظهر القوة لكي لا تستعملها».
بالتوازي لم يسجل أي موقف رسمي واضح أو خطوة عملية من الحكومة اللبنانية على صعيد العرض الذي قدّمه السيد نصرالله حول استيراد الفيول من إيران مجاناً، على الرغم من إدراك جميع المسؤولين أن أزمة الكهرباء هي «أم الأزمات» وتكاد تقضي على البلد وعلى حياة المواطنين، فيما يتلهى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالصراع مع الموظفين وينازعهم على راتبٍ من هنا ومساعدة من هناك لم يلمسوا منها شيئاً على أرض الواقع «مع تربيحهم جميلة» بأموال غير موجودة، كما يقول وزير الشؤون الاجتماعية، ويتمادى ميقاتي بتجاهل العروض الكهربائية والنفطية خوفاً من الأميركيين والأوروبيين. فيما يكتفي وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، بعبارات إنشائية كإعلان انفتاحه وترحيبه بالفيول من أي دولة صديقة، ويقول: «أية هبة تقدّم للبنان يجب طرحها على مجلس الوزراء للموافقة عليها». لكنه لم يُعد طرحاً واضحاً ورسمياً حول هذا الملف لتقديمه الى رئيسي الجمهورية والحكومة لعقد جلسة لمناقشته وإقراره! إذ لفت فياض، في تصريح الى أنه «ليس لديّ أي طرح واضح مكتوب عن الفيول الإيراني، لكن هدفنا هو وجود فيول بأسرع وقت في لبنان».
إلا أن التصريح الهزلي والساخر كان كالعادة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حيث كتب على «تويتر»: «أعتقد ان على الحكومة اللبنانية ان توافق على عرض السيد حسن نصرالله باستقدام فيول إيراني مجاناً لتشغيل معامل إنتاج الطاقة في لبنان. أقول هذا ليس إيماناً مني بأن هذا سيحصل، بل لعدم ترك الشعب اللبناني عرضة للأقاويل التي لا ترتكز إلى أي أساس من الصحة. نتذكّر جميعا ما حصل في موضوع المازوت وانتهى الأمر بباخرتين أم ثلاث، ووصلت إلى الناس مدفوعة باستثناء تبرعات قليلة جداً طالت بعض المؤسسات الاجتماعية كالتبرعات التي تقوم بها أي جمعية خيرية».
وردت مصادر في 8 آذار عبر «البناء» على جعجع بالتذكير بأن السيد نصرالله عندما أعلن عن استيراد المازوت الإيراني الى لبنان لم يقل إنه سيحل كل أزمة المحروقات، ولا حتى أزمة المازوت، بل كرر أكثر من مرة أن الهدف تأمين جزء معين من حاجة المواطنين للمازوت وبالتالي معالجة جزء من الأزمة لا كلها، لكونه لا يستطيع ولا يريد الحلول مكان الدولة، بل مساعدتها، وخاصة مساعدة المواطنين على تأمين حاجتهم اليومية من مواد التدفئة في فصل الشتاء القارس، ودعم مراكز ومؤسسات الرعاية والصحية والمياه والجمعيات الخيرية وغيرها من المؤسسات الأساسية لضمان استمراريتها في تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين، فضلاً عن أن جعجع يتناسى العقبات السياسية والقانونية الدولية واللوجستية والتقنية لنقل المازوت من ايران الى بيروت عبر العراق وسورية، وكذلك كلفة نقله الباهظة، في ظل العقوبات الأميركية ورفض الحكومة اللبنانية نقله عبر البحر وتفريغه في المرافئ اللبنانية. مذكرة جعجع بأن حزب الله وزع المازوت لكافة شرائح المجتمع اللبناني من دون تمييز ومجاناً للمؤسسات الخيرية وبالليرة اللبنانية وأقل من سعر السوق للأفراد والمصانع وغيرها.
مضيفة: «بالحد الأدنى حاول حزب الله القيام بشيء ما لحل الأزمة واستخدام علاقاته الممتازة مع ايران لمساعدة الشعب اللبناني، لكن ماذا فعل جعحع غير التنظير وإصدار المواقف وتعزيز الانقسام الداخلي السياسي والطائفي وافتعال الفتن والاشكالات والهروب من مسؤولية المشاركة في الحكومات ومن معالجة الأزمات ولم يستخدم «تحالفه» مع الأميركيين كما يدّعي لمساعدة لبنان بكسر الحصار المفروض عليه ولا حتى بالحصول على استثناءات من قانون قيصر لتحرير خط الغاز العربي وحل أزمتي الكهرباء والمحروقات، ولو كان لجعجع مكانة عند الأميركيين لكان أقنعهم بمنح استثناء للبنان باستيراد المازوت والبنزين الايراني عبر المرافئ اللبنانية ولكان جعجع لم يستطع عد البواخر التي ستدخل وقتذاك.
وتابعت المصادر: «فليقنع جعجع حليفه الانتخابي المستجد ميقاتي بقبول الفيول الايراني ويرمي الكرة في ملعب حزب الله وطهران، لكن فات مستشاري جعجع التقنيين أن يلفتوا نظره الى الفارق التقني بين المادتين الأوليتين: إذ يمكن نقل المازوت أو البنزين الى لبنان وتوزيعها على المواطنين والمؤسسات واستخدامها بشكل طبيعي، لكن كيف سيتم توزيع الفيول على الناس؟ ما يستوجب موافقة الحكومة اللبنانية لنقل الفيول الى معامل ومحطات الكهرباء على الاراضي اللبنانية». وختمت المصادر بالقول إن لا دور لجعجع في لبنان سوى تخديم المصالح الخارجية الاميركية والخليجية مقابل خدمات سياسية ومالية من خلال التشويش على أي إنجاز لحزب الله وللمقاومة وتضليل الرأي العام وحرف الحقائق وتزوير الوقائع والمعطيات وإثارة الفتن والتحريض على القتل، ما يفضح تبعيته العمياء للخارج».
في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكومي أي خرق في جدار الأزمة الحكومية والعلاقة بين بعبدا والسراي الحكومي، ما يؤشر الى أن الحكومة دخلت العناية الفائقة حتى نهاية العهد الرئاسي الحالي ولن تنجح محاولات إنعاشها. ويدعو مصدر سياسيّ وفق معلومات «البناء» إلى الأخذ بعين الاعتبار وبحذر التطورات على الصعيدين الدولي والإقليمي وتداعياتها على لبنان، ويتوقف عند ملفين سيشكلان محور الأحداث في العالم والمنطقة وسيرسمان مساراً جديداً للنظام الدولي: الحرب الروسية – الأوكرانية ومترتباتها على أوروبا وعلى أمن الطاقة العالمي في ظل توسّع العمليات الحربية بين روسيا وأوكرانيا وتوتر العلاقات الأميركية – الروسية، بالتوازي مع الملف النووي الايراني وتعثر المفاوضات بين ايران والقوى الغربية وتجميد توقيع الاتفاق النووي، إذ لا ايران مستعجلة لتوقيع الاتفاق قبل نيل مكاسب كبيرة تتعلق باستعادة العائدات النفطية المالية في المصارف الاوروبية واسقاط العقوبات وفتح أسواق أمام صادراتها النفطية، في المقابل القوى الكبرى تناور وتفرض المزيد من الضغوط والعقوبات لفرض تنازلات على ايران. ويحذر المصدر من أن هذه التطورات ستدفع هذه القوى الكبرى للانكفاء عن الاهتمام بالملف اللبناني بسبب انشغالها بأزماتها الداخلية الاقتصادية والسياسية. ويشير الى أن أولياء الشأن في الملف الحكومي فقدوا التواصل حكومياً لمصلحة الانتقال الى الاستحقاق الرئاسي. لكن المصدر شدّد على «أننا لم نصل الى مرحلة البحث الجدي في استحقاق رئاسة الجمهورية ولن نحسم مرشحنا ولو كنا نؤيد مرشحين، لكن من المبكر حسم هذا الملف بانتظار تحديد أول جلسة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وبعد إقرار المجلس النيابي التعديلات على قانون السرية المصرفية الذي كان مطلباً أميركياً ولصندوق النقد الدولي، لفتت السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى أن «على لبنان ألا يخسر أي وقت للقيام بإصلاحات لا سيما امام البنك الدولي»، معتبرة ان الإصلاحات ليست فقط لصندوق النقد الدولي انما هي للبنان ايضاً داعية «لإجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها ونحن هنا لندعم الواجبات الدستورية».
الى ذلك، يستمر كابوس الازمات الذي يلف رقاب اللبنانيين، فبعدما عاش المواطنون أياماً عجافاً على صعيد فقدان الخبز وانقطاع الكهرباء والمياه، وتكرار مشهد طوابير الذل والتقاتل على أبواب الافران، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام عن «دخول 49 ألف طن من القمح إلى البلد نهاية هذا الأسبوع ويجب ألا نرى طوابير بعد ذلك، وسنلاحق من يريد أن يختلق أزمة». وقال تعليقاً على أزمة الطّحين: «ما نراه اليوم هو تداعيات لما حصل الشهر الماضي، ونأمل أن تصل البواخر بشكلٍ أسرع من السابق»، وأكّد أنّ «الأزمة هي نتيجة لما يحصل لأن الطحين سُرق من البلد». وأضاف: هناك خلية أزمة برئاسة وزارة الاقتصاد لتوزيع القمح والطّحين بشكل عادل، وغيّرنا الآليّة السابقة.
وتخوفت مصادر نقابية عبر «البناء» من ارتفاع سعر ربطة الخبز الى 30 ألف ليرة وأكثر إذا ما استمرت الازمة، محذرة من أن كلفة الخبز لعائلة مؤلفة من 5 اشخاص باتت راتباً كاملاً، ما سيفاقم الازمة الاجتماعية الى حد الانفجار في الشارع.
وسجل سعر صفيحة البنزين ارتفاعاً حوالي الـ 14 ألف ليرة لبنانية، بعدم خفض مصرف لبنان نسبة الدعم الى 15 في المئة، وأعلنت المديرية العامة للنفط، في بيان، أن مبلغ الـ14 ألف ليرة الإضافي للصفيحة، نتجت عن اعتماد سعر صيرفة لـ85% من البضاعة واعتماد سعر السوق الموازي لـ15% منها، وذلك بناء لقرار صدر بالأمس (الثلاثاء) من المصرف المركزي الذي كان يعتمد السعر سابقاً على سعر صيرفة لكامل البضاعة».
وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، أن قرار مصرف لبنان اليوم هو «بداية لرفع الدعم عن البنزين، لتحذو هذه المادة حذو الغاز والمازوت وسيصبح سعر البنزين بالدولار كلياً في المستقبل القريب». ولفت البراكس الى أننا «نستوردها بالدولار ويجب أن نبيعها بالدولار، وإذا بقي سعر النفط كما هو عالمياً وبقي سعر دولار السوق السوداء كما هو اليوم، وإن ذهبنا لتسعير البنزين على سعر دولار السوق السوداء، فسوف يزيد سعر صفيحة البنزين بين ال85 الى 90 الف ليرة».
وفيما مدّد مصرف لبنان العمل في التعميم 161 وفق منصة صيرفة استمراراً للسياسة التي يعتمدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ أشهر للجم سعر صرف الدولار، مقابل تجميد الملاحقات القضائية له ولشقيقه رجا سلامة، واصل الرئيس ميقاتي اجتماعاته مع اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام، المتعلقة بمتابعة احتياجات المرفق العام. وعطفاً على الاجتماع الذي حصل بين ميقاتي والمدراء العامين، بدعوة من رئيسة مجلس الخدمة، وبعد المداولة، وبانتظار إقرار الموازنة العامة، قررت اللجنة الآتي: أولاً التأكيد على ما تم إقراره مؤخراً لناحية منح مساعدة مالية إضافية تعادل قيمة راتب كامل وبدل نقل يومي مقداره 95000 ل.ل. يستفيد منها جميع مَن شملهم قرار مجلس الوزراء ذو الصلة، بشرط حضور يومين على الأقل. ثانياً: إعطاء تعويض إنتاج عن كل يوم حضور فعلي الى مركز العمل في الإدارات العامة وتعاونية موظفي الدولة وذلك لشهري آب وايلول، على أن لا يستحق التعويض المذكور إلا بحضور الموظف فعلياً الى مركز عمله ثلاثة ايام على الأقل أسبوعياً خلال الدوام الرسمي».
الا أن رابطة موظفي القطاع العام، أعلنت وبعد التصويت، عن قرارها «مواصلة الإضراب»، وذلك «رفضاً لمقررات اللجنة الوزارية التي كانت أعلنت من السراي الحكومي«.
على صعيد آخر، وعلى مسافة أيام قليلة من ذكرى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب المقبل، أعلن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمالهنري خوري أنه «استردّ من وزارة المال مرسوم التشكيلات القضائيّة الجزئيّة لرؤساء غرف محكمة التمييز، وذلك من أجل تصحيحه وإعادته معدلاً للتوقيع عليه».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أشار في الجلسة التشريعية أمس الأول، إلى أنه اتفق على تصحيح المرسوم وأن وزير المال سيوقعه فور تصحيحه.
وتفاعلت «همروجة» جلسة مجلس النواب على الصعيدين الداخلي والدولي، وعلى الرغم من نفي الأمانة العامة لمجلس النواب، ما أوردته النائب سينتيا زرازير من مواقف عبر بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتأكيد النائب قبلان قبلان أن «زرازير لم تكن طرفاً في النقاش الذي حصل وأن من تعرّض لها لم يكن أي من نواب حركة امل»، كان لافتاً دخول منظمة العفو الدولية على الخط، وأشارت في بيان الى أنه «من المعيب أن تتعرّض النائبات في مجلس النواب اللبناني، خصوصًا اللواتي ينتقدن السلطات، للمضايقة من نظرائهنّ الرجال ومن رئيس مجلس النواب نفسه لمجرّد كونهنّ نساءً في برلمان يطغى عليه الرجال». وحملت المنظمة «رئيس المجلس نبيه برّي، المسؤولية لإنهاء هذا التطاول على النساء والكفّ عن تشجيع بيئة معادية للمرأة، واحترام حقوق الإنسان وتطبّيق قانون تجريم التحرّش الصادر في 2020».