انطلاق المقاومة ضد الاحتلال الأميركيّ في سورية
ناصر قنديل
– عام 2014 كان مفصلياً في حياة سورية عندما ظهر الطريق المسدود أمام مشروع إسقاط الدولة ورئيسها، وفشل الرهان على عشرات آلاف الإرهابيين الذين تم جلبهم من كل أنحاء الدنيا، وتكفل بهم الجيش السوري بدعم قوى المقاومة بإلحاق الهزيمة بهم، فجاء الجواب مركباً، تم تصنيع تنظيم داعش بقرار أميركي كشفه الرئيس السابق دونالد ترامب مشيراً بإصبع الاتهام إلى هيلاري كلينتون، ثم تمّ اتخاذ ظهور داعش وتمدده ذريعة للتمركز الأميركي على الأراضي السورية وعودتها الى الأراضي العراقية، وبالتوازي قام الجيش التركي الذي قدّم الملاذ لتكوين داعش وتنظيم صفوفه، كما فعل مع التشكيلات الإرهابية التي سبقته، بالتوغل داخل الأراضي السورية محكماً السيطرة على محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حلب، وكما اتخذت أميركا من صنيعتها داعش ذريعة لاحتلال محافظتي الحسكة والرقة، وقامت بتشجيع نشوء كانتون كردي مسلح فيهما، اتخذ الرئيس التركي من ظهور الكانتون التركي ذريعة احتلال قواته للأراضي السورية، وتهديده الدائم بتوسيع عمله العسكري إلى المزيد من الأراضي.
– نهاية عام 2015 بدأ التحول المعاكس مع تموضع القوات الروسية في سورية، وتناغم الأداء الروسي السوري الإيراني بمشاركة المقاومة لخوض حرب إنهاء داعش في سورية، بينما كان الحشد الشعبي مع المقاومة وإيران يعيدون تكوين الجيش العراقي بالتوازي مع خوض معركة تحرير العراق، وتحقق ستاتيكو استراتيجي في البلدين، حيث الاحتلال الأميركي والاحتلال التركي يسيطران على الأراضي السورية في عدة محافظات تعادل ثلث مساحة سورية، وبعض الأراضي العراقية، لكن مشروع اسقاط العراق وسورية بات من الماضي، حتى جاءت قمة طهران وفتحت طريق كسر معادلة هذا الستاتيكو، حيث تموضعت روسيا الى جانب ايران وراء الدولة السورية، سواء بقرار رعاية مقاومة سورية وطنية وشعبية بوجه الاحتلال الأميركي، أو بقرار الجيش السوري مواجهة أي عمل عسكري تركي نحو الأراضي السورية، والمعادلة واضحة، إنهاء الاحتلال الأميركي ينهي الكانتون الكردي ويسقط الذريعة التركية، فيفتح الباب لوضع مستقبل الاحتلال التركي على الطاولة، بينما يتولى الحشد الشعبي في العراق تذكير الأتراك بجدية القرار، بحتمية وقف العمليات وانسحاب الاحتلال.
– خلال السنوات التي مضت نضج وعي شرائح واسعة من أبناء سورية في مناطق الجزيرة، شرق الفرات حيث الاحتلال الأميركي، لصالح مشروع المقاومة، وبذلت الدولة السورية ومؤسساتها العسكرية والأمنية جهوداً جدية ودؤوبة على تنظيم صفوف قوى المقاومة السورية، وكانت قوى المقاومة في المنطقة المساندة للدولة السورية تنقل خبراتها لهذه المقاومة الصاعدة، وكانت إيران لا تبخل بما ينبغي لتكوين قوة المقاومة الواعدة، وخرجت تظاهرات عديدة بوجه الاحتلال الأميركي، ووقعت مصادمات شعبية مع وحدات الاحتلال، ونفذت عمليات محدودة متباعدة ضد مواقع الاحتلال، لكن قبل أيام قليلة بدا أن قرار بدء العمل المقاوم المتواصل حتى طرد الاحتلال الأميركي قد اتخذ، فكان كلام وزير الخارجية السورية فيصل المقداد عن حتمية انسحاب قوات الاحتلال الأميركي، والا فسيلقى مقاومة شعبية تجبره على الخروج، إشارة واضحة بهذا الاتجاه.
– لم يبق للاحتلال من ذريعة بعد حرمان داعش من أي ملاذ آمن، غير المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال الأميركي نفسه، وفضائح قيامه بنقل بعض قيادات داعش الى أفغانستان قبل انسحابه منها ضجت بها وسائل إعلام غربية، وكلام ترامب العلني عن تبرير الاحتلال بسرقة النفط بحد ذاته فضيحة، وطرد الاحتلال سيعني حكماً تحرير ثروات سورية من النفط والغاز، وما يترتب على ذلك من عودة فورية للكهرباء الى كل المناطق السورية، وحل أزمات المحروقات التي يعاني منها كل السوريين، والأميركي معني بأن يفهم بأن قصف معسكراته هذه المرة بالصواريخ ليس إلا بداية لعمل سيتواصل، ويفرض عليه الانسحاب، وعليه أن يختار سحب قواته عمودياً، أي وهم أحياء، قبل أن يبدأ بسحبهم أفقياً، أي في التوابيت.