الوطن

المخطط التركي الخبيث في شمال العراق!؟

هشام الهبيشان

تزامناً مع الأحداث والمفاعيل التي رافقت هجوم دهوك، عاد العراق ليطالب تركيا بسحب قواتها من أراضيه، فهذا الهجوم التركي على أهداف مدنية في الداخل العراقي وحجته أنه يستهدف «حزب العمال الكردستاني» في جبل قنديل وسنجار، لا يخفي حقيقة الأطماع التركية بالشمال العراقي، فالوجود التركي في بعض مناطق الشمال العراقي بدأ يتحوّل إلى أمر واقع يفرض بالقوة من الجانب التركي، وهذا بمجموعه تتحمّله حكومات بغداد المتعاقبة، فهذه الحكومات ارتكبت خطأ فادحاً عندما صمتت خلال الأعوام الماضية على الانتهاكات التركية بشمال العراق، فكان من الواجب على الحكومات العراقية أن تتخذ قراراً عسكرياً فورياً بالتصدّي للعدوان التركي على الأراضي العراقية الذي كان تحت حجج محاربة حزب العمال الكردستاني أو تنظيم داعش، لردع الأتراك عن هذا العدوان السافر على الأراضي العراقية

اليوم هناك احتلال وعدوان تركي مباشر وعلني وانتهاك بري وجوي للأراضي العراقية شمالاً، وهناك حرب تصريحات شنّها بعض المسؤولين الأتراك بشكل مباشر تهدّد باحتلال المزيد من الأراضي العراقية شمالاً، بالإضافة إلى حرب المياه وعملية تعطيش الشعب العراقي، وهنا، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الأتراك حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة العراقية من خلال السعي للسيطرة والنفوذ على مساحات جغرافية من شمال العراق، فالنظام التركي أظهر منذ بداية الحدث العراقي رغبته الجامحة بسقوط شمال العراق خصوصاً والعراق كلّ العراق في أتون الفوضى، وهذا الأمر ينطبق كذلك على أطماع الاتراك بالشمال السوري، فكانت لهم صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها فتح حدودهم بالكامل أمام السلاح والمسلحين العابر والعابرين للقارات من تركيا مروراً بسورية وإلى العراق، وليس آخرها ما يجرى من أحاديث مؤخراً من غزو تركي جديد للأراضي السورية شمالاً، وأجزم هنا انّ الهدف الرئيسي للتدخل التركي هو الاستحواذ والسيطرة على جزء من الجغرافيا السورية ـ العراقية لتحقيق مطامع اقتصادية وسياسية تركية.

فـ تركيا لم تأت للعراق أو لسورية لمحاربة حزب العمال الكردستاني أو لضرب تنظيم داعش الإرهابي، وإنما جاءت لغزو العراق بعد ان تيقنت بأنّ مساحة المناورة لها في سورية قد اتسعت إلى حدّ ما بشكل كبير وسط صمت روسي وتخبّط أميركي، ولهذا قرّرت التحرك بالعراق لإيجاد هامش وأوراق مناورة جديدة لها في الإقليم، «مستغلة حالة الاشتباك بين القوى العالمية «، وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الغزو التركي للأراضي العراقية ما كان ليتمّ لولا التوافق والدعم لهذه الخطوة التركية من بعض القوى السياسية العراقية ببغداد وإقليم كردستان.

وهنا نقول، انه من الطبيعي ان يشكل الوجود التركي خطراً كبيراً على مستقبل الدولة العراقية سياسياً وأمنياً وجغرافياً وديمغرافياً، وخصوصاً بعد اتضاح حقيقة وأهداف التدخل التركي في شمال العراق، وهذا ما يؤكد أنّ الدولة العراقية والجغرافيا السياسية العراقية قد دخلت بمرحلة اشتباك دولي وإقليمي جديد، وعلى ضوء نتائج هذا الاشتباك سترسم من جديد بعض ملامح الخارطة السياسية والجغرافية للإقليم والمنطقة العربية ككلّ.

ختاماً، من المؤكد أنّ الاحتلال التركي لبعض الأراضي العراقية شمالاً، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يخطط له الأتراك من إقامة مناطق نفوذ واسعة لهم بالشمال السوري، فمحاولة وصل منطقة نفوذ تركية تمتدّ من شمال غرب وشمال شرق سورية إلى شمال غرب العراق هو مخطط تركي قديم، ولهذا هم يسعون للاحتفاظ بمنطقة نفوذ جديدة بشمال العراق وبمحيط الموصل بالتحديد لضمان فرض سيطرة تركية ومساحة نفوذ ومناورة تركية جديدة بالإقليم، وهذه الخطوة ستكون لها تداعيات كارثية على أمن المنطقة والإقليم ككلّ.

 

 *كاتب وناشط سياسي ـ الأردن

 hesham.habeshan@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى