إحياء عيد الجيش باحتفال وتخريج دورة ضباط في الكلية الحربية عون: سأعمل بقوّة لتوفير الظروف لانتخاب رئيس جديد
جدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه سيعمل بكل ما أوتي من قوّة «من أجل توفير الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس جديد يواصل مسيرة الإصلاح الشاقة التي بدأناها»، معتبراً أن «هذا الإنجاز الوطني لا يتحقق إلاّ إذا تحمّل مجلس النواب الجديد، رئيساً وأعضاءً، مسؤولياته في اختيار من يجد فيه اللبنانيون الشخصية والمواصفات الملائمة لتحمّل هذه المسؤولية». وأمل «ألاّ يكون مصير الانتخابات الرئاسية مماثلاً لمصير تشكيل الحكومة الجديدة التي لم تتوافر لها حتى الساعة المقومات والمعايير الضرورية، لتكون حكومة فاعلة وقادرة على القيام بمسؤولياتها حاضرا ومستقبلاً»، مشدّداً على أن «عدم تشكيل الحكومة، يُعرّض البلاد إإلى مزيد من الخضّات، ويُعمّق الصعوبات الاقتصادية والمالية. ومسؤولية المعنيين أساسية في منع تعريض البلاد إلى مزيد من التدهور والترهّل».
مواقف عون جاءت في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال الذي ترأسه أمس، لتقليد السيوف للضباط المتخرجين الـ123، في دورة حملت اسم «مئوية الكلية الحربية»، لمناسبة العيد السابع والسبعين للجيش اللبناني في الأول من آب، وذلك في الكلية الحربية في ثكنة شكري غانم في الفياضية، والذي دعا إليه قائد الجيش العماد جوزاف عون، وحضره رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب وعدد من الوزراء والنواب وقادة الأجهزة الأمنية وعميد وأركان السلك الديبلوماسي والملحقون العسكريون العرب والأجانب المعتمدون في لبنان، إلى وفد من قيادة يونيفيل» برئاسة الجنرال أرولدو لازارو ساينز، وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين ونقباء المهن الحرّة.
وأكّد الرئيس عون أن «عيد الجيش اليوم يختصر كل ما نؤمن به كلبنانيين، من معاني الوطنية والتضحية في سبيل الأرض، والشعب، والأمن، والوحدة»، مضيفاً أن «العيد هذه السنة يعمِّق كل هذه المعاني، بسبب حجم التحديات التي تواجهها المؤسسة العسكرية نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة والمرهقة لكل أفرادها، كما للشعب اللبناني بأسره».
وحيّا «جيش لبنان الصلب والراسخ في مبادئه وأخلاقياته» وقال لكل ضابط وفرد من أفراده «أنتم ضمانة لبنان وجسر عبوره خارج نفق أزماته القاسية التي خنقت بريق الأمل في نفوس اللبنانيين».
وتوجّه للضباط المتخرجين، قائلاً «تتسلمون اليوم سيفاً يرمز إلى الكثير في مسيرتكم العسكرية، فاسعوا من الآن وصاعداً، إلى تحويل هذا السيف إلى كلمة استقامة في وجه الفساد، وعملٍ دؤوب لنصرة الحق من دون تمييز، وسداً للدفاع عن الأرض والوطن والشعب».
وتابع «شئتم أن تحمل دورتكم اسم «مئوية الكلية الحربية»، وهذا يعكس بحدّ ذاته تاريخ مقلع الرجال الذي تدربتم في أرجائه، وما مر عليه من صعاب، وتحديات، وحروب، لم تزده إلاّ أصالة، وصلابة، ومنعة»، مضيفاً «كم يُسعدني أن أرى اليوم هنا، أنه للمرّة الأولى في حفل تخريج الضباط، يتساوى في عددكم الضباط الذكور مع الضباط الإناث، في تتويج للباب الذي فتحته للمرأة لدى تولييَّ قيادة الجيش، كي تكون في عداد الضباط في المؤسسة العسكرية».
ولفت إلى «أن عيد الجيش هذا العام يحلّ في ظروف صعبة تمرّ بها البلاد، فإلى جانب التحديات الأمنية التي تُلقى على عاتقكم مسؤولية مواجهتها، يتسع حجم الصعوبات الحياتية والاقتصادية التي يواجهها العسكري أسوةً بأهله، وعائلته، وشريحة واسعة من أبناء وطنه»، وقال «كونوا على ثقة بأنني لا أُدخر جهداً في سبيل التخفيف من وطأة هذه الصعوبات على كاهلكم، ضمن القدرات والإمكانات المتاحة، وأُدرك جيداً كم تكافحون وتواجهون وتتعبون، للاستمرار في أداء واجبكم وأُدرك أيضاً أنكم ما تخاذلتم يوماً عن أداء هذا الواجب، لأن القيم العسكرية التي نشأتم عليها، راسخة في نفوسكم».
وأكد أن «لبنان يعيش وطأة التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، ونسعى في ظلّ الأجواء المشحونة بالأحداث، أن يبقى بلدنا بعيداً عن كل التجاذبات والتأثيرات». وتابع «من هنا كان حرصنا على المحافظة على الهدوء والاستقرار على حدودنا الجنوبية، هذه المهمة التي تنفذها بأمانة وحرفية قوات «يونيفيل» بالتعاون والتنسيق مع الجيش»، وحيّا ذكرى شهداء هذه القوات «الذين اختلطت دماؤهم بدماء العسكريين الساهرين على أمن لبنان وسلامة أراضيه».
وشدّد على أننا «حريصون على حقوقنا في مياهنا الإقليمية وثرواتنا الطبيعية، وهي حقوق لا يُمكن التساهل فيها تحت أي اعتبار»، مؤكداً أن «المفاوضات غير المباشرة الجارية لترسيم الحدود الجنوبية البحرية، هدفها الأول والأخير الحفاظ على حقوق لبنان، والوصول من خلال التعاون مع الوسيط الأميركي، إلى خواتيم تصون حقوقنا وثرواتنا، وتحقق فور انتهاء المفاوضات فرصة لإعادة انتعاش الوضع الاقتصادي في البلاد».
وأشار إلى «أن لبنان لا يزال من دون حكومة رغم مضي نحو شهرين ونصف الشهر على بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، الذي تكوّن من انتخابات عبّر فيها المواطن بحرية عن خياراته، فعلى الرغم من الرهان على عدم حصول الانتخابات النيابية بات للبنان مجلس نيابي جديد، وهو رهان يتكرّر مع الأسف اليوم، في معرض الحديث عن تعثّر إجراء الانتخابات الرئاسية».
وأضاف «إني من موقعي، وانعكاساً لتحمّلي لمسؤولياتي الدستورية، أُجدّد التأكيد أنني، وكما التزمت إجراء الانتخابات النيابية، سأعمل بكل ما أوتيت من قوة، من أجل توفير الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس جديد يُواصل مسيرة الإصلاح الشّاقة التي بدأناها»، معتبراً أن «هذا الإنجاز الوطني لا يتحقق إلاّ إذا تحمّل مجلس النواب الجديد، رئيساً وأعضاءً مسؤولياته في اختيار من يجد فيه اللبنانيون الشخصية والمواصفات الملائمة لتحمّل هذه المسؤولية».
وأمل «ألاّ يكون مصير الانتخابات الرئاسية مماثلاً لمصير تشكيل الحكومة الجديدة، التي لم تتوافر لها حتى الساعة المقومات والمعايير الضرورية، لتكون حكومة فاعلة وقادرة على القيام بمسؤولياتها حاضراً ومستقبلاً». ورأى أنّ «عدم تشكيل الحكومة، يُعرّض البلاد إلى مزيد من الخضّات، ويُعمّق الصعوبات الاقتصادية والمالية ومسؤولية المعنيين أساسية في منع تعريض البلاد إلى مزيد من التدهور والترهّل».
وبعد الاحتفال استقبل عون في قصر بعبدا قائد الجيش العماد جوزاف عون، بحضور أعضاء المجلس العسكري وكبار ضباط القيادة، لتهنئة رئيس الجمهورية بعيد الجيش.
وألقى قائد الجيش كلمة قال فيها «سبعة وسبعون عاماً، مسيرة حافلة في تاريخ الجيش، الذي تأسس بعيد استقلال لبنان، فحمل مسؤولية الدفاع عنه بكل شرف وتضحية ووفاء وأمانة، هي أمانة المحافظة على لبنان، كياناً مستقلاً، محمياً من كل الأخطار والتهديدات. ولا نزال نحمل هذه الأمانة في عروقنا، وفي بزاتنا التي تشبّعت من دماء الشهداء والجرحى وعرق العسكريين الصامدين، الشامخين، الأبطال، الذين لا تنحني جباههم إلاّ لعلم بلادهم».
أضاف «فيما يُقاسي المواطنون معاناةً شديدة بسبب الأزمة التي تعصف بوطننا، مناضلين ومكافحين، من أجل البقاء، يجدون إلى جانبهم جنود بلادهم، الذين يواجهون هذه الأزمة بكل عزيمة وإرادة وعنفوان وإصرار على الصمود باللحم الحيّ بانتظار انقضائها. فالجيش يتحمّل كامل مسؤوليته تجاه وطنه وشعبه، وسط تعدد المهمات وتشعبها، رافضاً الاستسلام، متمسكاً بقسمه مهما غلت التضحيات. لقد خاض الجيش منذ تأسيسه حروبا ومعارك عديدة، مواجهاً أقسى الظروف والانقسامات والاتهامات، ومتصدياً للميليشيات والعدو الإسرائيلي والإرهاب، لكن كل هذه التحديات لم تقو عليه، فبقي صامداً ولا يزال. تاريخنا ناطق بالعِبَر: من يمسّ بالجيش، هو الخاسر وهو المدان ومن يتعرّض للجيش ينبذه التاريخ».
وتابع «في خضّم ما نعيشه اليوم من تعثّر لمؤسسات الدولة، تبقى المؤسسة العسكرية الوحيدة والأخيرة المتماسكة، والأساس للكيان اللبناني، والضمانة لأمنه واستقراره كما استقرار المنطقة، خلافاً لكل المشككين والمراهنين على تفككها وانهيارها. فهل المؤسسة التي تواجه الإرهاب والمخدرات والاحتجاجات وتُحافظ على السلم الأهلي، وتواكب استحقاق الانتخابات النيابية وغيرها من القضايا الوطنية، تُعتبر متعثّرة ومتفكّكة؟ هل المؤسسة التي دفعت خيرة شبابها على مذبح الوطن، تُقارن بباقي المؤسسات غير المنتجة؟ هي الصامدة لأن أبناءها يواجهون كل الظروف الصعبة بعزيمة وإصرار ويواجهون التحديات والأزمة المالية، بكل تداعياتها، بانضباط وإيمان بقدسية المهمة».
أضاف «أمام فخامتكم، أكرر ثقتي بهم واعتزازي بعنفوانهم وكرامتهم، التي لن نسمح لأحد بالمساس بها. إني على ثقة، بأننا سنجتاز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة، بفضل عزيمة جنودنا وإرادتهم، وبدعم اللبنانيين، المقيمين والمغتربين، كما الدول الصديقة».
وأعرب عن أمله «بأننا سنعبر هذه المرحلة بأقلّ الخسائر، وسط متغيرات دولية واقليمية، قد تصل تردداتها إلى ساحتنا الداخلية»، لافتاً إلى «أن أمامنا استحقاقات وطنية ومفصلية، أقربها ترسيم الحدود البحرية، نلتزم بأي قرار تتخذونه في هذا الشأن لما فيه مصلحة لبنان وخير اللبنانيين، وأنتم المؤتمنون على ذلك».
وختم «نُعاهدكم، كما نُعاهد أبناء وطننا، أننا على قسمنا باقون. ما يهمنا، وما يعنينا، هو تحصين المؤسسة العسكرية وإبعادها عن كل التجاذبات وإبقائها متماسكة وقادرة على حماية لبنان وصون استقراره».
وصدر أمس سيل من المواقف لوزراء ونواب وأحزاب وفاعليات هنأت الجيش بعيده.