معادلات تموز وحتمية الانتصار 2006 ـ 2022…
شوقي عواضة
فشل الكيان الصهيوني فشلاً ذريعاً في عدوان تموز 2006 وذلك بشهادة قيادات عسكرية وسياسية من الكيان المؤقت إضافة إلى تقرير لجنة فينوغراد الذي يُعتبر اعترافاً رسمياً بالهزيمة وإعلاناً لانتصار المقاومة، وإذا ما أردنا إعادة تقييم الحرب على لبنان لا بدّ لنا من الأخذ بعين الاعتبار أسباب العدوان الصهيوني التي حدّدتها حكومة العدو والأهداف التي وضعتها القيادة الأمنية والعسكرية بعدما مُنيت بمجموعة من الهزائم الأمنية والاستخبارية منها نجاح عملية أسر (الجنديين الإسرائيليين) على يد المقاومة والتي شكلت ضربة نوعية واستباقية شلت قدرة الكيان الصهيوني وأدّت إلى فشله في تحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى بعد هزيمة عام 2000 المدوية حيث كان الكيان الصهيوني بأقصى جهوزيته لشنّ عدوانه على لبنان قبل عملية الأسر بغية تحقيق مجموعة أهداف حدّدها القادة الصهاينة ومن ضمنهم نائب رئيس الحكومة شمعون بيريس الذي قال عن الحرب إنها (حرب وجود) تهدف إلى إعادة بناء قوة الردع (الإسرائيلية)، التي تهشمت على أيدي المقاومين في لبنان عام 2000 وفي غزة عام 2005 مما استدعى عودة الكيان إلى محاولة فرض سيطرته وإنجاز بعض ما حدّده من أهداف وفقاً لما يلي:
1 ـ استعادة هيبة الجيش الصهيوني ومحاولة استرداد القدرة الردعية للمؤسسة العسكرية والأمنية.
2 ـ محاولة الكيان استعادة أسيريه لدى المقاومة وتسجيل انتصار له في الحرب.
3 ـ تدمير البنية العسكرية والقضاء على القدرات الصاروخية لحزب الله وتصفية قاداته وبالتالي القضاء على المقاومة في لبنان.
4 ـ فرض منطقة عازلة في جنوب لبنان تحد أو تمنع التصادم المباشر بين مقاتلي المقاومة وجنود الاحتلال من خلال نشر الجيش اللبناني على الحدود.
بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من المواجهات خرج لبنان منتصراً برباعية تجلت بقوة الجيش والشعب والمقاومة وديبلوماسيته الثابتة التي قادها الرئيس المقاوم العماد إميل لحود الذي لم يهتز أمام التهديدات «الإسرائيلية» والأميركية فكان شريك الانتصار على العدو الصهيوني وأدواته المتآمرة على المقاومة في الداخل، وكان السدّ المنيع الذي أحبط مخططاتهم ودمّر أمنياتهم مثبتاً قواعد الانتصار كمعادلات قدّمت مثالاً صادقاً لكلّ الأجيال القادمة وأرست قاعدة تقول بأنّ قوة لبنان في مقاومته وجيشه وشعبه لا في ضعفه.
اليوم وبعد ستة عشر عاماً على انتصار لبنان على العدو في 2006 نقف أمام استحقاق ترسيم الحدود البحرية واستعادة حقوق لبنان النفطية وثروته الغازية وهو استحقاق لا يقلّ خطورة عن عدوان تموز ولا أهمية عنه في توحيد الصفوف لتسجيل الانتصار على العدو في معركة النفط والغاز. نقف خلف المقاومة التي فرضت معادلات وتوازنات الرعب وحققت الانتصارات في حرب تموز 2006 وهي نفسها المقاومة الثابتة على عهدها والمتأهّبة لردّ أيّ عدوان على لبنان من العدو الصهيوني، وهي المقاومة التي فرضت على العدو الصهيوني والوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين معادلات جديدة انعكس على مسار التفاوض من خلال دعوة العدو لهوكشتاين الاستعجال في إنجاز الاتفاق قبل حلول أيلول المقبل واستعداده لتقديم بعض التنازلات للوصول إلى تسوية للنزاع.
تلك التغيّرات التي فرضتها قوة المقاومة ومُسيّراتها وصواريخها ينقصه الثبات الرسمي والديبلوماسي الذي تجسّد سابقاً بمواقف الرئيس إميل لحود المتميّزة والثابتة التي لم نعهدها من رئيس منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية حتى معركة التحرير عام 2000 والانتصار في عملية الوعد الصادق عام 2006.
لم يهادن الرئيس لحود وسيطاً ولم يركن لعدو. تلك هي الديبلوماسية التي نحتاجها لتعزيز موقف لبنان، الديبلوماسية الثابتة والمتلازمة مع عمل المقاومة ومعادلاتها التي أنتجت انتصارات تاريخية، لا ديبلوماسية المهزومين التي تديرها السفيرة الأميركية دوروثي شيا ولا ديبلوماسية الوهن والضعف التي عبّر عنها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إرضاء للأميركي، رغم ما فرضته معادلات المقاومة وسيّدها على العدو لا يريد البعض أن يرى ذلك إلا من منظار الهزيمة التي أدمنها رغم إدراك العدو «الإسرائيلي» الأميركي لحقيقة تاريخية دامغة ومعطيات دفعت العدو للتراجع والتنازل جزئياً في المفاوضات الجارية حول النفط والغاز في ظلّ إصرار البعض على انتهاج الكيدية السياسية وتقديم خدمة للعدو «الاسرئيلي» كرهاً وحقداً على المقاومة.
سياسات لم تجن سوى المزيد من الضعف والوهن الذي لم ولن يجلب للبنان سوى المزيد من الإذلال، أما القوة والإرادة التي حققت العزة للبنان وشعبه وأعطت المجد لصانعيه من الشهداء والجرحى والأسرى والمقاومين الشرفاء. مجدٌ للبنان الذي لن يكون إلا لمن سيّج لبنان بنجيعه وخطّ حكايات الانتصارات على حواشي جراحه وحطم قيد السجان وانتصر على الجلاد.
مجد لبنان أعطيَ للأمناء على الوطن… للسيد حسن نصر الله والرئيس المقاوم العماد إميل لحود وللرئيس الأبي الدكتور سليم الحص. ولن يكون هذا المجد إلا لشرفاء الوطن، أما العملاء والخونة والمتأسرلين والمقاتلين في صفوف جيش العدو من العملاء الفارّين فلن يكون لهم وللمدافعين عنهم سوى الذلّ الذي سيتوارثوه الى أبد الآبدين…