الكفاح المسلح والتآمر العربيّ (3)
حسين مرتضى
رغم الدعم الغربيّ للعصابات الصهيونية للسيطرة على فلسطين برز دور حركات المقاومة للدفاع عن فلسطين خاصة مع تآمر عدد من الأنظمة العربية لترسيخ مفهوم الاحتلال وتحويل كيان الاحتلال إلى أمر واقع.
في هذا الجزء سنتحدّث عن نشأة الكفاح المسلح ودوره في مواجهة الاحتلال الصهيونيّ، كما سنتناول المراحل التاريخيّة التي مرّ بها مشروع مواجهة الاحتلال.
بعد أن استوعبت الحركات المقاومة صدمة النكبة بدأت مرحلة الكفاح المسلح والتي أثمرت حركات جماهيرية عربية تبنّت قضية فلسطين من منطلق قضية الوحدة والتحرير معاً بهدف إقامة أنظمة عربية مستقلة، تنتهج المقاومة وتستعدّ لها في مواجهة الغزو الاستعماري الصهيوني لفلسطين، وكانت ذروتها:
1 ـ قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية عام 1958.
2 ـ إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بقرار من مؤتمر القمة العربية لتعبّر عن شعب مشرّد من وطنه كطليعة للجهد العربي لتحرير فلسطين، كما نتج عن المؤتمر نفسه إعلان قيام القيادة العربية العسكرية الموحدة.
وقد شهدت هذه المرحلة منذ بدايتها عمليات فدائية فلسطينية فردية واسعة ثم تطورت بدعم من قبل حكومتي سورية ومصر، قابلها عمليات انتقام واسعة نفّذها الكيان الصهيوني ضدّ القوات العسكرية والمدنيين.
لقد واجهت مرحلة الكفاح المسلح تآمراً من الأنظمة الرجعية العربية التي كانت تسعى لعقد اتفاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني للحفاظ على وجودها.
في هذه المرحلة تمّ تصعيد المواجهة مع كيان الاحتلال الصهيوني لتشكل نكسة حزيران ضربة موجعة لحركات المقاومة بعد اتساع رقعة الاحتلال الصهيونيّ لتشمل أجزاء من سورية ومصر إضافة للضفة الغربية ولتشكل مشاهد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى القدس تحوّلاً في مسار الصراع مع كيان الاحتلال الصهيوني.
وكان لا بدّ من توحيد الجهود العربيّة لاستعادة المناطق التي تمّ احتلالها في العام ١٩٦٧ وقد تمّ التركيز في تلك المرحلة على مفهوم حرب الاستنزاف والتي شكلت الفصائل الفلسطينية جزءاً مهماً منها عبر تنفيذ عمليات فدائية على الحدود مع الأراضي المحتلة إضافة لتنفيذ عدد من العمليات في عمق فلسطين المحتلة. وهنا بدأت حركة فتح محاولتها السيطرة على منظمة التحرير الفلسطيني، وبالتالي السيطرة على القرار الفلسطيني ليأتي العام ١٩٧٣ بمفاجأة صادمة للكيان الصهيوني عبر تحرك الجيش العربي السوري على جبهة الجولان والجيش المصري عبر جبهة سيناء وبدعم من عدد من الدول العربية. وهنا لا بد من التأكيد بأنّ القيادة السورية بشخص الرئيس الراحل حافظ الأسد كانت تسعى نحو تحرير الجولان والتقدم باتجاه فلسطين المحتلة فيما كانت القيادة المصرية ويمثلها أنور السادات كانت تسعى نحو تحريك ملف التفاوض لتبدأ هنا مرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع كيان الاحتلال يتمثل باتفاق كامب ديفيد، حيث انتقلت مصر من جبهة الممانعة إلى جبهة التطبيع.