أخيرة

دبوس

لصوص بربطات أعناق زاهية

يذكرني ذلك اللقاء الحميم الذي طرأ قبل أسبوعين تقريباً بين إيمانويل ماكرون ويائير لابيد في باريس، وتلك الابتسامات الفيّاضة والعناق الحميم والتربيت على الظهور والأكتاف، يذكّرني بشخصية ابتدعها مؤلف القصص البوليسية الفرنسي موريس لبلان، وهي شخصية اللصّ الظريف أرسين لوبين، حيث كان لوبين لصاً وسيماً أنيقاً موغلاً في علاقاته بالطبقات المخملية الأرستقراطية في باريس يقوم بسرقة الأغنياء ليعطي الفقراء

تذكّرته وأنا أشاهد ماكرون ولابيد بربطات أعناقهم الحريرية الزاهية، وتلك الابتسامات الرقيقة المفعمة بالعواطف المتدفقة وتلك الدماثة الظاهرية، تذكّرت لوبين لأنهم لصوص مثله مع فارق بسيط، وهو أنّ لوبين كان يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء، أما هؤلاء فهم يسرقون الفقراء ليعطوا الأغنياء، ومع فارق آخر يمارَس في الخفاء وبعيداً عن الأعين، وهو قدرتهم المذهلة على ارتكاب كلّ أنواع الفظائع والجرائم للوصول الى غاياتهم دون ان يثنيهم عن المغالاة في سفك الدماء كلّ آهات وصرخات أطفال ونساء العالم…!

أحدهم استباح أفريقيا الطيبة البكر وقاطنيها الذين لما تعبث يد الشيطان الآثمة بعد بفطرتهم البسيطة السليقية التلقائية، والآخر اخترع نظرية الميعاد، حيث يضرب له ربه الموتور مواعيد لقتل الناس وإبادتهم ثم يستولي على أوطانهم بمباركة وتأييد من هذا الرب، ثم يخرجون على الناس على هيئة بشر، بابتسامات خلابة، وعواطف جيّاشة متدفّقة، وفوق هذا وذاك، بربطات عنقٍ زاهية.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى