نافذة ضوء
بالتفكير القوميّ الاجتماعيّ تتأنسن البشريّة*
Com o pensamento Nacionalista Social, os seres humanos se humanizam
يوسف المسمار*
البشر وُلدوا بطبيعتهم رغماً عنهم لا اختيار لهم ولا رأي بولادتهم. والقدرة الإلهية العالية التي أوجدتهم وجعلتهم سجناء بين حالتين: إما أن يصيروا أحراراً ويحيوا أحراراً ويصبحوا أفضل من الملائكة وإما ان يظلوا عبيداً كالبهائم التي تُولد وتعيش وتموت دون أن تعرف لماذا وُلدت ولماذا تعيش ولماذا ستموت.
لقد وُلد البشر عبيداً بدون اختيار وبدون إرادة، ومخطئ كل من يقول إن البشر وُلدوا أحراراً كائنا من يكون.
ولكن القوة الإلهية التي أوجدت البشر في هذا العالم ومنحتهم موهبة العقل، فبهذه الموهبة يمكن أن تجعلهم أحراراً اذا احترموها وفعّـلوها وحافظوا عليها وعملوا بإرشادها.
فإذا فعلت هذه الموهبة فعلها في نفوس البشر، فإنهم يتخلصون بفعلها من حالة الضعف والعبودية ويسيرون الى الحرية والقوة. أما اذا أهملوا وتركوا هذه الموهبة، فلا خلاص لهم من العبودية أبداً.
التفكير الفردي الأناني والتقليدي يجعل البشر يعيشون: طغاةً وظالمين أو خانعين ومضطهدين. ِفالطغيان والخنوع هما الوجهان الحقيقيان لحالة العبودية، وبالتالي، فإن هذين التقليدين هما من أبرز صفات العبيد، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين.
لا يوجد بين البشر طغاة الا حيث يوجد خائفون وخانعون. وعندما ينتشر الخوف والخنوع، يزداد الطغيان طغياناً.
الحرية والعبودية نقيضان لا يمكن أن يتفقا أبداً، ولا تنتشر العبوديّة إلا اذا غابت الحرية. وحيث توجد الحرية تنعدم العبودية.
البشر في مفهوم الحضارة السورية الذي يعود الى فجر تاريخ الحضارة في هذا العالم هم الإنسان –المجتمع وليس الإنسان – الفرد. وعندما نقول نظرة هذه الحضارة الى الحياة نعني النظرة الى الإنسان التي تعني بدورها أن كلمة «الإنسان» تشير الى حقيقة واضحة هي «المجتمع الإنساني» في بيئة جغرافية طبيعية معيّنة.
على ضوء ما تقدم، كانت الوسيلة الأولى التي هي كلمة وخطوة لتخلص البشر من العبودية نحو الحرية هي الحكمة السورية التي اقتبسها سقراط من المدرسة السورية وأصبح على أساسها فيلسوفاً أي «محباً للحكمة» وهي:
“أيّها الإنسان أعرف نفسك».
وهذه الحكمة الهادية للخلاص من الجهل الى الحرية ليست موجّهة الى إنسان مجتمع معيّن، بل الى البشرية في كل متحداتها وأممها.
وبهذا نفهم الموعظة الكبرى للسيد المسيح التي تقول:
«اعرفوا الحقَّ والحقُّ يحرركم».
ونستوعب أيضاً كلام القرآن «أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
ويتوضح لنا حقيقة قول الحكيم البليغ علي بن أبي طالب:
«لا فقر كالجهل ولا غنى كالعـقـل».
كما نفهم أيضاً حكمة الحداثة الدائمة في قول رائد الفكر القومي الاجتماعي، عالم الاجتماع أنطون سعاده:
«المجتمع معرفة، والمعرفة قوة».
ونفهم أيضًا أن مع الخلاص الذي يتم بالمعرفة وقوة المعرفة، تصبح العبودية لاغية في مواجهة موهبة العقل الذي هو الوسيلة الوحيدة للاتصال بخالق هذا الكون اللامتناهي.
فبممارسة التفكير القومي الاجتماعي، تنهض جميع الأمم وتتقدم. وبنهوض الأمم وتقـدمها يُولد عالمٌ جديد ٌ أفضل، وتتحقق وحدة الإنسانية الواعية والحرة والحضارية.
وهكذا يمكن للإنسانية أن تتخلص من جحيم العبودية وتعيش في فردوس الحرية، ويمكننا أن نعي ونفهم المعنى العميق والقيمة العظيمة لخطاب عالم الاجتماع والفيلسوف أنطون سعاده الذي قال:
«إذا لم تكونوا أحرارًا من أمة حرة، فحريات الأمم عارٌ عليكم».
الحرية لا يمكن أبدًا أن توهب أو تؤخذ. الحرية الحقيقية هي التي تُحيا بالوعي والإدراك والحكمة والفضائل الأخلاقية السامية.
الحرية هي أعظم سمة من سمات الأمم الحرة وعندما لا توجد أمم حرة، لا قيمة لأفراد أحرار، ولن يصل البشر إلى عالم حر.
هذه هي حالة البشر في هذه الحقبة من الزمن التي هي بين أن يستمر البشر عبيداً لجشعهم وشهواتهم الفرديّة والمجموعيّة الأنانيّة: متغطرسين وخانعين، أو أن يتحرّروا بتفكير إنساني جديد قادر على تحقيق وحدة إنسانيتهم التي تنمو وتقوى وتتقدّم بنمو وقوة وتقدّم الأمم الحرة المتحضّرة.
*ترجمة لمقال نشر بالبرتغالية.
**المدير الثقافي للجمعية الثقافية السورية البرازيلية التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي.