تلاقي بكين وطهران وموسكو من بوابة تايوان…
رنا جهاد العفيف
فتح جبهات سياسية، استنزاف الصين، وتحذيرات بأعلى المستويات، فتح أبواب الصراع ما بين الولايات المتحدة والصين، ناهيك عن تسارع الخطوات السياسية الأميركية تجاه المنطقة، وأزمات حلت في أوروبا على خلفية الأزمة الأوكرانية بدأ خبراء يتباحثون ويتحدثون عن مرض السلوك السياسي الغربي في المنطقة، حتى تجلى تقاطع إيراني روسي صيني على رفض الهيمنة الاميركية، إزاء إذلال الشعوب، هل الإجماع الثلاثي خرج بقطب يكسر هيمنة الغرب لإنهاء الغطرسة بالكامل؟ وكيف يمكن أن نوصف العلاقة بين واشنطن والصين… صراع أم تنافس انطلاقاً من زيارة بيلوسي إلى تايوان والتي فتحت جبهة سياسية، وما تداعيات المواجهة المتنوعة لربما على مستوى النظام العالمي الجديد؟
عبارة جمعت الدول الثلاث، إيران ورسيا والصين رفضاً لإذلال الشعوب، فالصين توعّدت بردّ حازم لحفظ سيادتها ومصالحها بعد زيارة بيلوسي لتايوان والتي فتحت جبهة سياسية غير مسبوقة مع بكين، في موازاة المواجهة العسكرية مع روسيا في أوكرانيا، في مقابل ذلك تلاقي بكين وطهران وموسكو من بوابة تايوان التي تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية حول إذا ما قام المحور الثلاثي بصياغة قطب عالمي يستند إلى اتفاقيات استراتيجية بينهم، فالصين تخوض اليوم مواجهة اقتصادية وسياسية شرسة، تقلق واشنطن خوفاً من تشكل حلف ناتو آسيوي في المحيطين الهادي والهندي، لتقوم الأخرى بتحديث جيشها وهو على أهبة الاستعداد لأيّ خرق، لا سيما أيضاً إيران التي تواجه منذ أكثر من أربعة عقود العقوبات وعلى مختلف الجبهات، أبرزها النووي…
ها هي اليوم تعود إلى مفاوضات فيينا حاملة شروطها، متسلحة بتعزيز خطواتها، واثقة من شروطها التنفيذية، أما روسيا التي واجهت وواكبت الضغوطات السياسية والاقتصادية، والعسكرية على الساحة الأوكرانية، حسمت خيارها، وأخذت بعين الاعتبار أنّ العلاقة مع الغرب لن تعود كما كانت في سابق عهدها، طبعاً كل هذه العوامل والخيارات، هي نتاج لتراكم المواجهة في المحور الأطلسي التي كشفتها الأزمة الأوكرانية التي هي لامتداد العواصف العاتية للمنطقة، وقد نشهد عملية دمج إنهاء الهيمنة وبشكل فعلي، إزاء سياسة الابتزاز والاستفزاز للولايات المتحدة، قد نرى زخم قوي ضمن إطار احتواء الصين، لذا سنشهد تحركات واشنطن المتصاعدة لكبح صعود القوى الدولية والاقليمية كالصين وإيران وروسيا، التي باتت تشكل أسمى التهديد الأكبر والأخطر على واشنطن في ظلّ ظروف الانقسام، نعم تعترف الولايات المتحدة بالصين الواحدة المتعلقة بتايوان الخارجة عن سلطة بكين، مقابل النقيض وعلى أثر زيارة بيلوسي التي تؤكد سياسة الاستعلاء الأميركية متخطية كلّ الأعراف الدولية والقانونية لتمثل بذلك التنسيق مع عواصم الدول، وتايوان ليست دولة تتبع لإقرار أميركي، ولكن حاولت واشنطن تسويق نهج قابل لسلوكه، وهذا مرفوض سياسياً لدى الصين، مما أدّى لتوتير العالم في مضيق تايوان الذي عنون السياسة الواشنطية الكيل بمكيالين، طبعاً الدور الأميركي هنا متنامي على الإهانات وابتزاز الشعوب بفرض العقوبات الغير شرعية تأبى بذلك وباستمرار، لرفع منسوب التوتر، ناهيك عن الانتهاكات الصاخبة بالتدخل بشؤون القوى العظمى داخلياً، لتأزّم الوضع ليتدحرج نحو الأسوأ، فقضية تايوان تأجّج المواجهة ربما ومن معه بصلابة كإيران التي أدرك الجميع حجم المواجهة التي تعتليها بالمواقف التي تقابلها إجراءات كانت قد أعلنت عنها رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في حين الصين لن تتردّد بالردّ على الإهانة في تايوان، أيّ بمعنى ستكون هناك إجراءات سريعة وقسرية تلجم بها الاستفزازات التي تتعرّض لها، ومن موسكو التي لم تسلم من العقوبات أيضاً تحذر واشنطن إزاء تصنيفها كدولة داعمة للإرهاب كما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الروسية، وبالتالي تتعمّد واشنطن هذه التراكمات الندية لتحتكم العلاقات الدولية بالمواجهة بهدف إلهاء كلّ منهم.
أما في ما يخص العلاقة الصينية الأميركية فهي متشعّبة بالرغم من حاجة الولايات المتحدة للتجارة الصينية التي تمثل المصدر الأساسي والعمود الفقري تتنفس منه الولايات المتحدة إلا أنها لم تستوفِ شروط السياسة الاقتصادية التي تعتبر بالنسبة لها الشريان في الاستيراد؟ لماذا لم تراع ظرفها الاقتصادي وهي بحاجة لها في التوقيت الحالي؟ لأنه ربما قد تبحث عن مصادر بديلة للاستيراد، لكبح جماع اقتصاد الصين الأول عالمياً، وقد تكون زيارة بيلوسي لتايوان لهذا السبب من يدري؟ لطالما بعض من دول الجوار لا تروق له سياسة الصين، وقد تستغلّ هذه الثغرة لفتح سجالات وملفات تجرّ الصين إلى ما لا يحمد عقباه، بما أنّ المستهدف الرئيسي للمواجهة هو اقتصادها المتنامي ودوره في المنطقة.
وبالتالي سنشهد تداعيات لزيارة بيلوسي على كافة المستويات ربما، ليكون هناك مواجهة إما عسكرياً أو دبلوماسياً وبالطريقة التي تتناسب مع الإحداثيات وفق المنظور الثلاثي الذي سبق للولايات المتحدة واستطردت بعزل روسيا ولن تتمكن بالاستفراد بها في معركتها في أوكرانيا، وكذا إيران في محادثات النووي ومع ذلك نرى نشاطاً يتخطى العقوبات غير قابل للمساومة، واليوم الصراع ما بين الولايات والصين لم يكن مفاجئاً، وتخبط الولايات المتحدة سببه انهيار العالم القديم الذي لم تعد تسيطر على إنتاج نظام العالمي الجديد، إلا إذا استخدمت بعض المقومات التي ربما تجبر بها الصين إلى مواجهة عسكرية؟