أخيرة

المسرح الأثريّ القديم لمدينة شهبا في السويداء دلالة تاريخيّة وحضاريّة

يُعتبر المسرح الأثري القديم لمدينة شهبا في السويداء معلما لافتا ضمن تجمع معماري ضخم وسط المدينة مشكلاً دلالة مهمة على البعد التاريخي والحضاري للمنطقة.

وقد تم البدء بالكشف عن المسرح وفق الدكتور نشأت كيوان الباحث في مجال الآثار مع حلول النصف الثاني من القرن العشرين ويعدّ من النماذج الجميلة للمسارح الصغيرة في سورية ويشكل إضافة مهمة لما تحويه مدينة شهبا من معالم أثرية مع وجود ترابط وتنسيق معماري جميل بينه وبين المدفن الأثري (الفيليبيون) والمعبد الإمبراطوري من الجهة الشمالية الشرقية.

ويتألف المسرح كما ذكر كيوان من قسمين الأول للتمثيل ويضم منصة مستقلة وفسيحة (أوركسترا) تغطي مكاناً سفلياً مفرغاً ويحتضنها من الخلف وبشكل مواجه للمسرح واجهة مستقيمة خالية من أي نحت أو زينة أو ديكور تحتوي ثلاثة مداخل أوسطها أكبرها وعلى جانبيه زينت الواجهة بالمحاريب وخلفها يوجد رواق على امتداد المنصة لتهيئة الممثلين مع وجود مدخلين يؤديان إلى الممرات الجانبية للمسرح بينما يضمّ القسم الثاني مدرجات للجمهور على طابقين تتجه نحو الجنوب.

ويستند المسرح في القسم السفلي منه إلى منحدر طبيعي والقسم العلوي إلى ركائز وفق كيوان حيث يعتبر من المسارح التي صمّمت على نمط نصف دائري تقريباً أو كما يُسمّى حذوة الحصان المبتورة بواسطة المنصة التي تتميز بارتفاعها بشكل متوازن مع ارتفاع المسرح، حيث يظهر البناء ككل على مستوى واحد في الارتفاع كما توافرت فيه أغلب شروط المسارح القديمة من رؤية واضحة وإضاءة كافية وتهوية جيدة وسهولة حركة للمتفرجين وغيرها من الخدمات التي كانت تؤمن لهم من قبل القائمين على المسرح.

وأوضح كيوان أن قطر المسرح يبلغ 42 متراً ويعتقد أنه كان آخر بناء مسرحي روماني في المنطقة وربما في بلاد الشام استناداً إلى تاريخ المسرح في فترة حكم الإمبراطور فيليب العربي في منتصف القرن الثالث الميلادي، مشيراً إلى أنه تعرض لبعض التخريب وخاصة في المنصة منذ سنوات طويلة أما الأوركسترا والقسم السفلي من أماكن المتفرجين كانت مطمورة بالأتربة والردميات حيث كانت بداية تنظيفه وإظهاره بالشكل الواقعي عام 1924.

وفي عام 1941 قامت مصلحة الآثار السورية بإجراء بعض الإصلاحات عليه لتبدأ عام 1952 أعمال الرفع الأثري والرسم الهندسي وثم الترميم بالتعاون بين المديرية العامة للآثار والمتاحف والمعهد الفرنسي لآثار الشرق القديم إلى أن تم خلال السنوات الماضية وضع سور له للحفاظ عليه.

ولفت المحامي جلال دانون رئيس مجلس مدينة شهبا إلى أن المسرح يعكس البعد التاريخي والحضاري للمدينة ويشكل إضافة مهمة للمعالم الأثرية الجميلة الموجودة فيها ويشهد تنظيماً للعديد من الاحتفاليات والمهرجانات والمجلس حريص بالتعاون مع دائرة الآثار للحفاظ عليه والاهتمام بنظافته.

يذكر أن مدينة شهبا شهدت ازدهاراً تاريخياً في عهد الإمبراطور فيليب العربي الذي أولاها عنايته وأراد أن يجعلها مدينة عظيمة تنافس أعظم مدن الغرب ولا سيما روما فأطلق عليها اسم مدينة فيليب بوليس مشيداً فيها العديد من المباني الدينية والمدنية بين عامي 244 و249 ميلادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى