الرقابة العسكرية والخوف من إعلان الخسائر «الإسرائيلية» في معركة وحدة الساحات
حمزة البشتاوي
اعتاد «الإسرائيليون» على إخفاء الحقائق والمعلومات حول الخسائر خلال الحرب، وعادة ما يختصر الإعلام «الإسرائيلي» حجم الخسائر والأضرار بعبارة إصابات طفيفة بغضّ النظر عن حقيقة وحجم الخسائر خاصة البشرية منها، لأنّ هذا يؤدّي إلى نشر الرعب والانهيار النفسي في صفوف الجنود والمستوطنين.
وخلال معركة وحدة الساحات تجنّدت أجهزة الإعلام «الإسرائيلية» التابعة لوزارتي الخارجية والدفاع ومكتب رئاسة الحكومة للعمل على إخفاء المعلومات حول الخسائر، واعتمدت هذه الأجهزة في نشر الأخبار على مصادر خارجية كأساس للمادة الإعلامية، وهذه المصادر تتبع لمؤسّسات إعلامية غربية مملوكة من قبل شخصيات يهودية داعمة للجيش «الإسرائيلي» وتتبنّى الرواية «الإسرائيلية» بأبعادها الأمنية والعسكرية بهدف إخفاء الفشل ورفع الروح المعنوية ومنع حدوث انهيارات في صفوف الجيش والمستوطنين، ولذلك يتوقع بعد انتهاء معركة وحدة الساحات أن تتبع الرقابة «الإسرائيلية» وهي وحدة عسكرية تابعة لشعبة المخابرات العسكرية (أمان) سياسة التدرّج الزمني في الإعلان عن الخسائر وعلى فترات متباعدة زمنياً، وهذا ما سوف تلتزم به وسائل الإعلام «الإسرائيلية» التي تعمل وفقاً لأوامر وتوجيهات الرقابة العسكرية التي تستمدّ صلاحياتها من القوانين الخاصة الناظمة لعمل المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية»، وهي الجهة التي تتحكم بالمعلومات ومنح البطاقات للمراسلين العسكريين لمن تشاء، وخاصة وقت الحرب ولا تسمح بنشر الصور والمعلومات دون موافقة مسبقة.
ورغم كلّ التعتيم على الخسائر في الحرب التي أطلقت فيها حركة الجهاد الإسلامي أكثر من ألف صاروخ باتجاه 58 مستوطنة وعدة مدن أبرزها القدس وتل أبيب وبئر السبع مما أوقع الحكومة «الإسرائيلية» بإرباك شديد خاصة على صعيد الإخلاء ولم يعرف عدد كبير من المستوطنين أين يذهبون حيث لم يحالفهم الحظ بركوب الباصات حين طلب منهم الإخلاء الكامل من المستوطنات الواقعة على بعد سبعة كيلومترات عن قطاع غزة.
وقد بدأت تتكشف المعلومات عن بعض الخسائر خاصة على صعيد القتلى الذين يبدأ الإعلان عن أسمائهم دون ذكر الأسباب الحقيقية لمقتلهم وتنسب وسائل الإعلام «الإسرائيلية» أسباب الوفاة لحوادث السير أو أسباب أخرى كما حصل حين الإعلان عن مقتل المستوطن اشلوموأرئيف حيث قيل بأنه مات جراء صدمة قلبية سبّبتها له صــافرات الإنــذار، وقالــت طالــيا ليفانون المديرة العامة للإئتــلاف «الإسرائيلي» للصدمات النفسية إن 800 مستوطن يخضــعون للعلاج النفسي بعد ثلاثة أيام من الحرب، وكذلك أظــهر إحصـــاء أوّلي لصندوق التعويضات «الإسرائيلي» إنّ الدمار جراء الصواريخ طال 155 مبنى خاصة في عسقلان وسديروت ودمّرت 69 سيارة في 15 بلدة إضافة لخسائر في الزراعة والصناعة واكتفى صندوق التعويضات بالحديث وفق ما سمحت به الرقابة العسكرية عن سقوط 47 جريح ثلاثة منهم بحالة خطرة دون الحديث عن سقوط قتلى ويتوقع لاحقاً أن تكشف الأيام أو الأسابيع المقبلة المعلومات الحقيقية حول الخسائر وقد تصدر هذه المعلومات كفضيحة مدوية ولكن بعد الانتخابات المقبلة والمقرّر إجراؤها في 25 تشرين الأول المقبل. خاصة مع مشاركة بعض الإعلام الغربي بالتعتيم والتكتم عن المعلومات والذي كان يردّد خلال الحرب بأنّ «إسرائيل» تدافع عن نفسها متجاهلاً أنها لا تدافع سوى عن احتلالها وعنصريتها ومجازرها بحق الأرض والإنسان.