أنقرة ودمشق… ماذا عن آفاق المستقبل؟
هشام الهبيشان
لم يكن حديث وزير الخارجية التركية مولود تشاويش أوغلو عن لقائه بوزير الخارجية السورية، وبغض النظر عن توقيت اللقاء، وبعد فترته الزمنية، وإعلانه عن دعم تركيا لمصالحة وطنية شاملة في سورية، بالحدث والملف العابر،فـ التحركات التي رعاها الروسي والإيراني بين تركيا والدولة السورية، وبدعم أماراتي ـ مصري ـ أردني ـ جزائري، ومن خلف الكواليس، ومحاولة تعزيز فرص التقارب من جديد بين أنقرة ودمشق بعد حالة انقطاع في العلاقات استمرت لعدة أعوام مضت، والتي انتهت أخيراً بإعلان تركيا عن دعمها لمصالحة شاملة في سورية، والتي تبعتها رسائل سياسية إيجابية عدة بين الجانبين، حدثاً سياسياً عابراً، فتزامناً مع هذه التحركات، يبدو واضحاً ان دوائر صنع واتخاذ القرار الروسي ـ الإيراني قد نجحت «إلى حدّ ما ومرحلياً» بتفادي مجموعة سيناريوات بما يخصّ ملف العلاقات السورية ـ التركية، فما قامت به موسكو ـ طهران مؤخراً من اتصالات متزامنة مع أنقرة ودمشق وتصريحات تصدّرت أولوياتها ملف التسوية في سورية، يظهر أنّ تركيا بكيانها الرسمي قد انخرطت فعلياً وباتت معنية بإنجاز تفاهمات مستدامة مع دمشق، وفق رؤية الحل الروسية ـ السورية ـ الإيرانية.
ومن ينظر لأبعاد وخلفيات الحديث التركي والانفتاح على دمشق، بعد تعثر عودة هذا التقارب بين دمشق وأنقرة، بسبب تعقيدات كان يفرضها النظام التركي وحليفه الأميركي، سيدرك حقيقة أنّ الأتراك ودوائر صنع القرار التركي وكما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات باتت تقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج متغيّرات ما يجري بعموم الساحة السورية عسكرياً وسياسياً، فهذه المتغيرات بدأت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي التركي.
والواضح أكثر اليوم أنّ دوائر صنع القرار التركي نجحت اليوم بالعمل مع الروسي والإيراني، ونجحت بالتواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية، للعمل على انجاز تسوية شاملة لملف العلاقات التركية ـ السورية وعلى كافة صعدها، فدوائر صنع القرار التركي تسعى لاستباق أيّ متغيّرات عربية واقليمية ودولية ايجابية اتجاه سورية، ولهذا تسعى لإنجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات، فاليوم يُعتبر مسار انخراط النظام التركي الرسمي بمسار التسوية مع سورية، خطوة في الطريق الصحيح في توقيتها ونتائجها المستقبلية وعنواناً لمرحلة جديدة من العلاقات التركية ـ السورية، بعد الحرب على سورية.
ختاماً، اليوم ومع عودة تفعيل خطوط الاتصالات السياسية بين أنقرة ودمشق بشكل مباشر، فمن الطبيعي أن يكون لعودة هذه الاتصالات أثر إيجابي كبير بمسار عودة وتطبيع العلاقات بشكل كامل، وبما يخصّ تحديداً ملف السوريين الموجودين في تركيا، فهذه الاتصالات والتي ستتحوّل قريباً لزيارات رسمية متبادلة»( اقتصادية وسياسية وعسكرية) «لن تتوقف عند حدود الملف السياسي، بل ستتطوّر باتجاهات إيجابية عدة تخدم مصالح كلا الجانبيين، مع مؤشرات على تغيّر ما برؤية التركي لطبيعة تحالفاته المستقبلية الدولية والإقليمية.