دبوس
إحلال وليس احتلالاً…
كنت قد اقترحت في السابق اقتراحاً أعتقد أنه اقتراح واقعي ويتواءم مع حقيقة الأمر ويسمّي الأشياء بأسمائها، وهو ان يُصار الى تسمية ما يُدعى احتلالاً “إسرائيلياً، إحلال “إسرائيلي”، فهذا القادم عنوة إلى أرض فلسطين لا يقوم بعملية احتلال، بل هو يحاول أن يحلّ محلّ الفلسطينيين بالاستيلاء على أرضهم والحلول محلهم، وتبعاً لذلك ما يتطلبه الموقف من إبادة أو تهجير، لا يهمّ إنْ سارت الأمور كما أراد هذا الوحش، ولكن خطته كانت موضوعة على هذا الأساس، الإحلال…
صحيح أنه لم يتمكن حتى الآن من فعل ذلك، ولن يتمكن، بل انّ الأمور ستسير بنقيض ما انتواه هذا الإنسان المارق.
التاريخ يحدثنا عن جريمة كونية ارتكبها الرجل الأبيض، وقيّض لها النجاح، حينما قام بإبادة الإنسان الأصلي الذي قطن قارة أميركا الشمالية، تلك أيضاً كانت عملية إحلال وليست احتلالاً، ولطالما تساءلت لماذا لم يتعايش القادم الجديد الى القارة الأميركية مع المواطن الأصلي، بالتآخي وبتقاسم الخير العميم وتبادل الخبرات والمعرفة والمنفعة، خاصةً أنّ الإنسان القاطن هناك أصلاً والذي أطلق عليه في ما بعد، الهندي الأحمر استقبل هذا القادم الجديد ذا الشعر الذهبي بترحاب شديد، وقدّم له كلّ أنواع المساعدة من طعام وشراب وأرض يستزرعها، وشيّد له الملجأ وساعده ليتأقلم مع الطبيعة ولم يبادر بأيّ عمل عدائي، بل بكلّ الحب والمؤاخاة، ثم انّ المساحة الهائلة لهذه القارة والتي كانت في ذلك الوقت هي مساحة كندا والولايات المتحدة والمكسيك مجتمعة تستوعب الجميع وأكثر، ناهيك عن أنها كانت ولا تزال أرضاً بكراً مليئة بالخيرات والأنهار والبحيرات والآبار الجوفية وكلّ أنواع المواد الخام وبكميات هائلة…
مشكلة هذا الإنسان أنه إقصائي إلغائي ولا يرى في الآخر إلّا شيئاً للقتل، هذا هو المأزق الذي ابتليت به الإنسانية، وحش بلا أيّ بعد إنساني، برأس صهيوني وجسد أنجلوساكسوني أبيض، لا يستطيع ان يدرك انّ هناك أنماطاً أخرى من البشر يجب قبولها والتعايش معها.
سميح التايه