العودة بالجامعة الثقافية إلى المربَّع الأول التقسيمي كحلم إبليس بالجنَّة
علي بدر الدين
بات من الثابت والمؤكد، أنه منذ أن أعلن رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عباس فواز عن إطلاق صيف المغتربين 2022، والنجاح الباهر الذي حققه، وتُرجم بكثافة عودة المغتربين اللبنانيين إلى الوطن الأمّ لقضاء العطلة في ربوعه وبين أهلهم، مع كلّ الإيجابيات الاقتصادية والمالية التي وفرها والتي أدّت إلى سدّ ثغرات سلبية كثيرة نتجت عن كارثية الأزمات والمشكلات والانهيارات المتتالية التي عصفت بالمجتمع المحلي، وجلبت معها الفقر والقلة والعطالة عن العمل لمعظم الشرائح الاجتماعية في كلّ المناطق ومن كلّ الطوائف.
يبدو أنّ البعض من منتحلي الصفة والعناوين الاغترابية انزعجوا من الشمعة التي أضاءتها الجامعة برئاسة فواز وإطلاقه “صيف المغتربين 2022″، وخرقها لسواد العتمة الحالكة وفتحها طريق الأمل المفقود الموعود، وإثباتها بأنّ لبنان باقٍ ولن يحتضر، وسيظلّ على خارطة العالم قوياً وصامداً، مهما عصفت فيه وعليه الأنواء والعواصف والتحديات وتفاقمت الأزمات، لأنّ قوّته مستمدَّة من قوة أبنائه المغتربين ووحدتهم ووحدة مؤسّستهم الأمّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برئاسة فواز، التي تمثّل قانونياً وشرعياً وعملياً ورسمياً المغتربين أنّى كانوا على مساحة هذا العالم المترامي، وهي أثبتت بالقول والفعل والحرص أنها “أمّ الصبي” والحاضنة لهم، بشهادة القاصي والداني والخصم والصديق والدولة وحكوماتها ووزاراتها ومنها بالتحديد وزارة الخارجية والمغتربين مهما كان اسم وزيرها وتوجهاته السياسية والطائفية، لأنها الجهة الرسمية الوحيدة المخوَّلة التعاطي مع الجامعة، وهي وحدها من دون غيرها التي تعرف مَن هي “الجامعة” التي تحظى بالشرعية الرسمية والتمثيلية على قاعدة ما تمتلكه وتقدّمه من ملفات وخدمات ونشاطات تصبُّ في خدمة الوطن والاغتراب والجامعة.
وليس عبثاً أو من باب الصدفة، أن تخصّص هذه الوزارة مكتباً للجامعة في مبنى وزارة الخارجية منذ تأسيسها بمرسوم جمهوري عام 1960، وان تعمِّم الوزارة على سفارات لبنان في الخارج الاعتراف بالمؤتمر الثامن عشر الذي عقدته في بيروت عام 2018 وبالهيئة الإدارية الجديدة ورئيسها عباس فواز المنتخبين من الهيئة العامة، وبأنها الممثلة الشرعية للمغتربين، وان تتعامل معها البعثات الديبلوماسية من دون غيرها، فضلاً عن اللقاءات الدورية التي تحصل بين الجامعة برئاسة فواز والعديد من المسؤولين في الدولة تأكيداً على التعاون والتنسيق الدائمين.
وليس مفاجئاً ألا يستقبِل بعض المسؤولين الرسميين المعنيين، ما يسمَّى زوراً بـ “رئيس جامعة” مجهول الهوية الوطنية والاغترابية، لأنهم يدركون جيداً أن لا حيثية تمثيلية أو شرعية له، وأنه منتحل صفة ليست من حقه، مع أنه للأسف، استُقبل من مسؤولين آخرين في الدولة، ربما كانوا يجهلون أنه مغتصب للموقع الذي نصَّبَ نفسه فيه، بحكم الأمر الواقع السياسي والطائفي ونتيجة للفلتان وعدم ملاحقة ومحاكمة كلّ منتحلي الصفة في المؤسسات الاغترابية وغيرها من الإدارات والمؤسسات إنْ في داخل لبنان أو خارجه.
نقولها بالفم الملآن، إنّ استقبال أيّ مسؤول في الدولة لمن يدَّعي أنه “رئيس” الجامعة، يشكِّل مخالفة لأبسط القواعد والأحكام الشرعية والقانونية وطعناً بالجامعة الشرعية ورئيسها وهيئتها الإدارية المنبثقة عن مؤتمرها الثامن عشر، لأنه ليس من المنطق ولا الواقع، التعاطي مع أنظمة الجامعة وقوانينها بخفة ومزاجية، أو الكيل بمكيالين وفق المصلحة والغاية، مع أنه من حقّ أيّ مسؤول أن يستقبل أيّ مغترب أو وفد اغترابي بصفته الشخصية، وغير ذلك يعني انتهاكاً للمعايير والمقاييس المعترف بها، وتشجيعاً ربما غير مقصود على خرق القوانين والشرعيات الانتخابية، وهذا ما لا يجوز تكراره وتعميمه، لأنه قد يُفقِد الدولة ومواقعها الرسمية سلطتها وهيبتها، ولأن ما يسري على مؤسسات الدولة يجب أن يسري على الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، التي سعى الحرصاء فيها وعليها وعلى المغتربين، أن تكون موحّدة، وهي الآن كذلك بفضل الجهود والمساعي وسياسة اليد المدودة والانفتاح… والتي اعتمدها فواز والهيئة الإدارية وقد نجحا في عزل التقسيميين وإبعادهم وتعطيل تأثيرهم، ولن يقبلا بأن تطلّ رؤوسهم من جديد من نافذة استقبال بعض المسؤولين لهم، أو من خلال مؤتمر “اغترابي” وهمي لا حضور اغترابياً ولا رسمياً فيه، ولا شرعية له، وكان الأجدر بالسلطات الرسمية المعنية منع عقده بالصفة التي أعلنها، لأنه لا يمثِّل الجامعة ولا الاغتراب، ولا هدف له أو منه، سوى بث التفرقة بين المغتربين، ومحاولة تقسيم الجامعة وإعادتها إلى المربع الأول وهذا لن يحصل، لأنه كـ “حلم إبليس بالجنة”.