المقاومة السوريّة تقصف القاعدة الأميركيّة في حقل العمر للمرة الثالثة… بعد غارات على مصياف إيران تواصل درس الرد الأميركيّ وبوريل متفائل… وارتباك إسرائيليّ بين التحذير وادعاء الإنجاز السجال الحكوميّ بين ميقاتي والتيار يتصاعد… وفياض: انتظر موقف ميقاتي من الفيول الإيرانيّ
كتب المحرّر السياسيّ
يبدو التزامن والتوازي بين المسار السياسي التركي السوري والمسار العسكري السوري الأميركي عنواناً لمرحلة مقبلة في الحرب السورية، وفيما تتواصل المساعي الروسية لترتيب إطار حوار قيادي بين دمشق وأنقرة يستجيب للثوابت التي أعلنتها القيادة السورية وكانت محور المشاورات التي أجراها وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد في موسكو، وقعت غارات جوية على منطقة مصياف، قالت الوكالة السورية للأنباء إن الدفاعات الجوية تصدّت لها ويجري العمل على تحديد مصدرها، ما يضع احتمال أن تكون الغارات أميركيّة وليست إسرائيلية، بعدما ردت المقاومة السورية على الغارات التي استهدفت دير الزور بتجديد قصفها للقواعد الأميركية في حقول العمر النفطية. وهذا القصف تكرر ليل أمس بعد الغارات على مصياف، بصورة قد لا تكون منفصلة عن الغارات والرد عليها اذا ثبت انها رد أميركي على قصف اول أمس.
في المنطقة، بينما الانتظار سيد الموقف في ملف ترسيم الحدود اللبنانية البحرية، يتقدم الملف النووي الإيراني أكثر الى الواجهة، حيث أعلن مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الأجواء إيجابية بين الردين الإيراني والأميركي مستعيداً الوصف ذاته الذي استخدمه بالقول إن الرد الإيراني معقول، في وصفه للرد الأميركي بالقول إنه معقول أيضاً، وبينما تواصل إيران دراسة الرد الأميركي ظهر الارتباك الإسرائيلي باعتماد خطابين متناقضين، وعلى لسان رئيس الحكومة يائير لبيد، الذي قال في تعليق على مشروع الاتفاق النووي الجديد إنه أسوأ بكثير من اتفاق 2015 وإنه يمنح إيران ميزات جديدة ويتضمن تنازلات جوهرية عما كان يوصف برؤية الرئيس جو بايدن للاتفاق، وفي تصريح آخر قال لبيد إن التحذيرات الإسرائيلية أدّت الى جعل مشروع الاتفاق مختلفاً، متمسكاً بنقطة ملف وكالة الطاقة الذرية، الذي كان الخلاف حوله قائماً قبل التحذيرات الإسرائيلية وبعده، بينما أجمع الإعلام الإسرائيلي على أن “إسرائيل” خرجت مهزومة من معركة الاتفاق النووي، وأن أياما حالكة تنتظرها، بينما قال عدد من الجنرالات إن مشكلة الكيان إن تم الاتفاق ليست أكبر من مشكلتها ان لم يتم الاتفاق، فلكل حالة تحديات تفوق قدرة “اسرائيل”، لا يفيد التباهي في مواجهتها.
لبنانياً، قال وزير الطاقة وليد فياض إنه بعدما تبلغ من الأميركيين أن لا مشكلة لديهم إذا حصل لبنان على هبة من الفيول الإيراني، لأن الهبات لا تخضع للعقوبات، لا يزال ينتظر موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بينما كان الرئيس ميقاتي منشغلاً بالسجالات التي يديرها مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، على خلفية التعثر في تشكيل الحكومة والشروط والشروط المضادة.فيما أوحى اللقاء الرابع بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف نجيب ميقاتي بأن المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة والتأليف الحكومي غير مسهّل في المدى المنظور، وبالتالي وضع الحكومة على رفّ الانتظار، يملأ عون وميقاتي الوقت الضائع حتى الأول من أيلول بدء سريان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية والموعد المفترض لبدء العدو الإسرائيلي استخراج الغاز من حقل كاريش، بالسجالات السياسية والإعلامية والاتهامات المتبادلة حول تعطيل تأليف الحكومة.
ويبدو أن المساعي الأخيرة التي حصلت على خط التأليف وشارك فيها حزب الله وفق معلومات «البناء» لم تؤدِ الى نتيجة إيجابية حتى الساعة، فتراجعت اندفاعة الرئيس المكلف بعدما لمس تمسك رئيس الجمهورية بصيغة توسيع الحكومة الى 30 وزيراً أي بزيادة ستة وزراء نصفهم من حصته وحصة التيار كما رفضه تدخل ميقاتي بتسمية وزيري الاقتصاد والمهجرين المحسوبين من حصة عون.
وأشارت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن «الخلاف بين عون وميقاتي لا يقتصر على الحصص الوزارية فحسب، بل على إدارة الفراغ الرئاسي بعدما أدركت جميع الأطراف صعوبة الاتفاق على رئيس للجمهورية في مهلة الستين يوماً التي تسبق نهاية ولاية الرئيس الحالي، وبالتالي وقوع الفراغ، في ظل تعذر المجلس النيابي الحالي على تأمين توافق بين كتله النيابية المتعددة والمتشتتة والمتوزعة، الى جانب التشظي في الموقف الدولي والإقليمي حيال لبنان وانشغاله بأزماته وتأخر الحسم في الملفات الإقليمية الساخنة كالملف النووي الإيراني فضلاً عن تأجيل الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ما يخفف الاندفاعة الداخلية والخارجية لإنتاج تسوية رئاسية، لذلك تحركت المساعي لاستباق الفراغ الرئاسي بحكومة أصيلة قبل وقوع المحظور وتفجر قنبلة دستورية تخلق اشتباكات سياسية حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال في فترة الشغور الرئاسي».
إلا أن ميقاتي وفق المصادر لا يريد حكومة كيفما كان يمنح فيها عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حصة وازنة تفوق ما لديهما في الحكومة المستقيلة ويجعلهما متحكمين بالقرار الحكومي في المرحلة المقبلة، لذلك لن يعطي ميقاتي العهد في نهايته ما رفض إعطاءه في منتصفه. فيما رئيس الجمهورية وفق ما تشير مصادر مقربة منه لـ»البناء» لن يفرط بأهم صلاحية يملكها المتمثلة بآخر توقيع له على مرسوم تشكيل الحكومة إلا مقابل تأمين الشراكة الوطنية في الحكومة والحفاظ على التوازن الطائفي والميثاقية لا سيما أننا مقبلون على الفراغ الرئاسي.
وتحذر أوساط مسيحية عبر «البناء» من مخطط سياسي تشارك فيه القوات اللبنانية وقوى أخرى لإضعاف موقع المسيحيين في المعادلة الداخلية من خلال استهداف العهد والتفريط بصلاحيات رئيس الجمهورية والخلاف على وراثتها من مواقع دستورية أخرى، فضلاً عن إجهاض أي مسعى لإنقاذ رئاسة الجمهورية من الفراغ عبر رفض الحوار المسيحي – المسيحي للاتفاق على رئيس موحد للرئاسة يراعي مواصفات الرئيس القوي والتمثيلي. وتساءلت: أين موقع المسيحيين ومصيرهم في الدولة اذا وقع الفراغ في الرئاسة ومن دون حكومة أصيلة تراعي التوازن والشراكة؟
وكان السجال الرئاسي اشتعل أمس، بعد سلسلة مواقف لرئيس الجمهورية نقلها عنه رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم الذي زار قصر بعبدا. حيث أكد عون ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت ممكن، مشيراً الى عدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق، «خصوصاً ان المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً والشراكة الوطنية مصانة من حيث تشكيل الحكومة الجديدة أو من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما وان حكومة تصريف الاعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان». وأكد انه «لا يبدو طبيعياً ان الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب يمكنه ان يملأ فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية».
في المقابل اعتبر ميقاتي أن «المواقف الجاهزة التي تُليت اليوم من منبر القصر الجمهوري كشفت، بما لا يقبل الشك، الاسباب الحقيقية لتعطيل عملية تشكيل الحكومة، وما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بفخامة رئيس الجمهورية».
وفي بيان لمكتبه الإعلامي أبدى ميقاتي استغرابه «استخدام منبر الرئاسة، المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية، لإطلاق مواقف تؤجج الاوضاع بدل أن تشكل كلمة سواء لجمع اللبنانيين». مؤكداً «أن ما قيل لن يكون بأي شكل من الاشكال معطّلا لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ينتظر مجدداً ان يستكمل مع فخامة رئيس الجمهورية مناقشة التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت».
ورد المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية على الرد، بالتأكيد أن «رئاسة الجمهورية ما كانت يوماً لطرف لبناني دون الآخر بل دافعت عن حقوق جميع اللبنانيين من دون استثناء، في وقت كانت ردود الفعل الطائفية والمذهبية تصدر من مواقع رسمية أخرى. ولعل مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مسألة تشكيل الحكومة تعكس هذا التوجه الداعي دائماً إلى تحقيق الشراكة الوطنية والمحافظة على الميثاقية».
ويبدو أن معركة رئاسة الجمهورية ستنطلق عملياً فور دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب الرئيس، لكن المرجح أن لا يدعو بري الى جلسة في الأول من أيلول بانتظار تبلور المواقف وإعلان الترشيحات وحسم التحالفات، في ظل التباين الذي يحكم المعادلة النيابية بين الكتل أكان في فريق 8 آذار أو ما تبقى من 14 آذار أو الكتل الوسطية والتغييرية.
وأعلن النائب وضاح الصادق، رفض قوى التغيير وصول رئيس المردة سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، كاشفاً عن مبادرة في الأول من أيلول.
وعلمت «البناء» أن المشاورات حول رئاسة الجمهورية انطلقت في الكواليس السياسية وبعيداً عن الاعلام وفي اجتماعات ولقاءات سياسية مغلقة بحثت بالخيارات وبجملة أسماء ومدى انطباقها على المواصفات المطروحة ومدى ملاءمتها لتوازن القوى النيابي والسياسي والخارجي. كما علمت أن الاجتماعات التي عقدت بين قوى التغيير والمجتمع المدني مع القوات اللبنانية حول الرئاسة، لم تفض الى أي اتفاق بل أظهرت عمق الخلاف على طبيعة المرحلة المقبلة ومواصفات الرئيس المقبل وبرنامجه وأولوياته وسياساته الخارجية.
وعكس ردّ عضو كتلة القوات النائب نزيه متى على النائب مارك ضو، حجم الخلاف بين الطرفين، وقال متى: «لقد انتخبك الناس لتغير شيئاً في حياتهم وواقعهم، وليس لتنصيب نفسك قاضياً فوق القضاة والأحزاب والمجموعات السياسية كلها».
وكان ضو اتهم القوات بالشراكة مع التيار الوطني الحر والعهد بانهيار البلد.
على صعيد آخر تترقب الأوساط السياسية والشعبية بقلق شديد الأول من الشهر المقبل على خط ترسيم الحدود البحرية. وتفيد المعلومات بأن قيادة حزب الله والمقاومة طلبت من عناصرها البقاء على جهوزية تامة بأعلى درجات الاستنفار استعداداً لكافة الخيارات، من ضمنها الحرب العسكرية في ظل مخاوف من إقدام العدو على حماقة بالعدوان على لبنان للهروب الى الأمام من مأزقه الداخلي وانقسام أحزابه حول توقيع اتفاق الترسيم مع لبنان، بموازاة خوفه من توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي سيكون على حسابه وحساب بعض الدول الإقليمية الحليفة للأميركيين، لذلك قد يذهب الإسرائيلي الى أيام قتالية كأحد الخيارات المتاحة أمامه وفق ما يقول خبراء عسكريون لـ»البناء» لتوحيد جبهته الداخلية ونقل المعركة الى الخارج وعرقلة الاتفاق النوويّ ويُحرج الأميركيين ويفرض اتفاقاً يضمن مصالحه من ضمنها ترسيم الحدود مع لبنان.
إلا أن الخيار المرجح أن يؤجل استخراج الغاز الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية هرباً من المواجهة العسكرية مع حزب الله والذي يتخوف منها قادة العدو العسكريون والمستوى السياسي من أن تؤدي الى استهداف باخرة ومنصة الاستخراج وخسارة فرصة تصدير الغاز الى أوروبا وفق العقود الموقعة بينهما.
وفيما لم يعرف موعد زيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان، علمت «البناء» أن الوسيط الأميركي لم يتبلغ حتى الساعة الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني الأخير الذي تبلغه من الدولة اللبنانية، بسبب تأخر حسم العدو الإسرائيلي موقفه النهائي بسبب الخلافات أولاً، والتكتم الشديد الذي يُحاط به الملف ثانياً. كما لم يصدر أي موقف رسمي إسرائيلي من استخراج الغاز لا تأكيداً ولا تأجيلاً.
في المقابل أكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن «المقاومة تترك للدولة متابعة التفاوض، لكنها تستعد لأسوأ الاحتمالات بما فيها العسكرية وباقية في الوقت عينه على تمسكها بالمعادلة التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهي غاز ونفط كاريش والحقول المحاذية وشاطئ فلسطين المحتلة مقابل غاز ونفط شاطئ لبنان ترسيماً وتنقيباً واستخراجاً واستثماراً وإلا الحرب العسكرية هي الخيار الوحيد والنهائي مع العدو». مشددة على أن «عيون المقاومة وقيادتها الميدانية ترصد بدقة حركة العدو على كامل الحدود البحرية والجوية والبرية لا سيما في منصة كاريش وأي تحرك سيتم التعامل معه بالوسيلة المناسبة».
وأشار وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، في حديث لقناة «المنار»، إلى أن «انسحاب شركة «نوفاتك» الروسية من اتفاقية الاستكشافِ وإنتاج الغاز لن يؤثر على أعمال التنقيب، وشركة «توتال» لا تزال ملتزمة بالاتفاقيات».
وأوضح فياض في مجال آخر أن «الوزارة تتعاطى بشكل إيجابي مع الهبة المقدمة من دولة صديقة كإيران«، مضيفًا: «وهم التقوا برئيس الحكومة ونحن ننتظر جوابه حول الهبة». ولفت إلى أنه «بحسب القوانين، الهبة المجانية لا تتعرض للعقوبات».
في غضون ذلك تتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية ما يرتب أعباء إضافية على المواطنين، في ظل اقتراب لبنان من العتمة الشاملة وارتفاع أسعار المحروقات.
وأفادت مؤسسة «كهرباء لبنان» بأنه «سوف يتم وضع معمل الزهراني قسرياً خارج الخدمة بعد ظهر اليوم، جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدّي إلى توقّف إنتاج الطاقة على كافة الأراضي اللبنانية، على أن يُعاد تشغيل معامل الإنتاج فور تزويد المؤسسة بالمحروقات في أقرب فرصة ممكنة».
لكن وزير الطاقة أعلن أنّه «بتوجيه من رئيس حكومة تصريف الأعمال أُعطيت الموافقة لمؤسسة كهرباء لبنان على استخدام جزء من الفيول «غرايد ب» المخزن في معملي الجية والذوق، والذي يقدر بـ40 الف طن، بهدف تفادي الوقوع في العتمة الشاملة مع قرب نفاد مادة الغاز اويل لزوم تشغيل معمل الزهرانيالى حين وصول شحنة الفيول العراقي في منتصف الشهر المقبل».
وإذ انضم موظفو شركتي الفا وتاتش الى العمال المضربين في القطاع العام، أمل وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري خوري بعد اجتماعه مع رؤساء الهيئات القضائية، «حصول صندوق تعاضد القضاة على مبلغ 35 ملياراً من احتياط الموازنة لتتحسن الأمور ويعود القضاء الى عمله».
وتوعد النائب جبران باسيل، القضاة بقوله: «انتبهوا يا قضاة، الحساب آت وهذه المرة أنتم لن تحاسبونا بل سوف تتحاسبون».
ولفت باسيل الى أن «القضاة يستنجدون بالحاكم المركزي رياض سلامة، من اجل ان يزيد معاشاتهم، وهو الذي يجب أن يتحاكم من قبلهم على عدة جرائم ارتكبها، أقلها أنه أخذ عمولة لشركة أخيه على سندات خزينة يصدرها المصرف المركزي لصالح الدولة اللبنانية».