ذكرى التحرير الثاني… هكذا هُزمت داعش وأسطورتها
حسن حردان
تأتي حلول ذكرى التحرير الثاني الذي أنهى وجود الإرهاب الداعشي في الجرود اللبنانية، متزامنة هذا العام مع ذكرى الانتصار التاريخي والاستراتيجي للمقاومة على جيش الاحتلال الصهيوني في تموز عام 2006 ليؤكد انّ الخط البياني لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة إنما هو خط تحقيق الانتصارات على العدو الصهيوني وأدواته الإرهابية التكفيرية التي صنعت وجهّزت ودرّبت من قبل الولايات المتحدة والاستخبارات الغربية والرجعية العربية، وأرسلت الى العراق وسورية ولبنان بهدف ضرب وتقويض وإجهاض انتصارات قوى المقاومة ضدّ قوات الاحتلال الصهيوني والأميركي وتفكيك وتفتيت وتقسيم العراق وسورية ولبنان…
على انّ تحرير الجرود اللبنانية تزامن مع إسقاط دولة داعش في العراق وسورية والحاق الهزائم بهذا التنظيم الإرهابي الخطير.. وبالتالي السقوط المدوّي للأسطورة المزيّفة لداعش، الذي صوّر بأنه قوة لا تُقهر وقادرة على فرض سيطرتها أينما تشاء، بعد أن سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية والسورية، والجرود اللبنانية…
هذه الأسطورة المزيّفة جرى تعزيزها عبر بثّ الخوف والرعب والهلع في أوساط الرأي العام من خلال توزيع داعش صور ومشاهد إعدام الجنود العراقيين والسوريين والمصريين والطيار الأردني، وكذلك ذبح المواطنين الذين يرفضون تأييد داعش وفكره التكفيري، بطريقة مرعبة، والتي هدفت الى بث الهلع في صفوف الجيوش العربية والمقاومين ومحاولة إضعاف عزيمتهم على القتال والنيل من معنوياتهم ليسهل على داعش تدميرهم خدمة للعدو الصهيوني ومشروع إعادة تعويم الهيمنة الأميركية على المنطقة والعالم بواسطة الإرهاب الداعشي والقاعدي ذي الصناعة الأميركية، باعتراف القادة والمسؤولين الأميركيين أنفسهم، من هيلاري كلينتون إلى دونالد ترامب وغيرهما من المسؤولين والنواب وضباط الاستخبارات والكتّاب، الذين أقرّوا بذلك في لحظة تخلّ، أو صراع داخلي وتنافس انتخابي، بعد الفشل والإخفاق الأميركي في سورية والعراق، وظهور مؤشرات هزيمة قوى الإرهاب وتهاوي مخططات الدول الاستعمارية الغربية والرجعية التي تقف وراء هذه القوى الإرهابية، إعداداً وتجهيزاً، تدريباً، وتسليحاً، وتمويلاً وتسهيلاً.
انّ انهيار أسطورة داعش المزيفة وسقوطها ظهر بوضوح في معارك الجرود اللبنانية السورية عبر استسلام قيادات وعناصر هذا التنظيم في آخر قلاعهم في أعالي الجرود، ورضوخهم لكامل شروط المقاومة التي أعلن عنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وتجسّدت في الكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين المختطفين، والإفراج عن أسرى ضباط وجنود سوريين ومقاومين وجثث شهداء، مقابل ترحيل مَن يريد من عناصر داعش إلى دير الزور، وتسوية أوضاع مَن يريد منهم مع الدولة الوطنية السورية.
كما ظهر سقوط أسطورة داعش في الانهيار السريع لمواقعه في تلعفر والبادية السورية، بعد هزيمته الكاملة في السلسلة الشرقية كاملة على طول الحدود السورية اللبنانية.
غير أنّ هذا الانهيار لتنظيم داعش وسقوط أسطورته المزيفة وهزيمته في شهر آب من عام 2017 يذكّرنا بسقوط وتحطيم أسطورة جيش الاحتلال الصهيوني الإرهابي في 14 آب من عام 2006 ونجاح المقاومة بتحقيق النصر التاريخي والاستراتيجي على العدو الصهيوني.
لكن هذا السقوط لأسطورة داعش المزيّفة ما كان ممكناً لولا إرادة القتال والتصميم من قبل رجال الجيش العربي السوري والمقاومين البواسل والجيش العراقي والحشد الشعبي والجيش اللبناني.. فإرادة القتال هذه، والتصميم على إلحاق الهزيمة بقوى الإرهاب التكفيري على اختلاف مسمّياتها، كانا العامل الأساسي في تحطيم الإرهاب الداعشي ومتفرّعاته، وكشف زيف أسطورته.
إنّه التحرير الثاني الذي حققه لبنان، بدحر الإرهابيين التكفيريين عن السلسلة الشرقية كاملة من الحدود اللبنانية السورية، بعد التحرير الأول في 25 أيار 2000، بإجبار جيش الاحتلال الصهيوني على الانسحاب مدحوراً ذليلاً عن معظم المناطق التي كان يحتلها من الجنوب والبقاع الغربي. والاحتفال بهذا النصر والتحرير الجديد، الذي أعلن عنه رسمياً لحظة رحيل آخر إرهابي عن الجرود. حصل بفضل المعادلة الماسية الرباعية المكوّنة من الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة والشعب الواحد في الدولتين. فتحوّلت المعادلة الثلاثية، جيش وشعب ومقاومة، المنتصرة على العدو الصهيوني عام 2000، إلى المعادلة الرباعية المنتصرة على الإرهاب التكفيري… ليتأكد بذلك أنّ هذه المعادلة الرباعية هي الضمانة لحماية أمن سورية ولبنان واستقرارهما، وإحباط مخطط الفتنة والقطيعة بين الدولتين، وردع العدوانية والأطماع الصهيونية.. حيث ثبت انّ أمن لبنان من أمن سورية والعكس، وانّ قرار قيادة المقاومة بالذهاب إلى سورية للمشاركة إلى جانب الجيش العربي السوري في محاربة قوى الإرهاب، أسهم في درء خطر الإرهاب عن لبنان.. وأسقط المخطط الأميركي الصهيوني.. وحمى لبنان وسلمه الأهلي.