انتصار إرادة الأسير عواودة والأسرى: الحرية تؤخذ بالمقاومة
} حسن حردان
مرّة جديدة تثبت مقاومة الأسرى العرب الفلسطينيين في سجون الاحتلال، أنّ حريتهم إنما تؤخذ بالمقاومة والإرادة الصلبة التي لا تلين ولا تخضع للسجان الصهيوني وأساليبه الإرهابية، تماماً كما يتمّ تحرير الأرض المحتلة بالمقاومة المسلحة وليس بالمساومة والمهادنة…
لقد نجح الأسرى في تحقيق انتصار جديد في كفاحهم المستمرّ في مواجهة الاحتلال، وتجسّد هذا الانتصار في خضوع سلطات الاحتلال لمطالب الأسير البطل خليل عواودة، والأسرى الذين قرّروا البدء بالإضراب عن الطعام…
أولاً، موافقة إدارة سجون الاحتلال على إطلاق سراح الأسير عواودة في 2 تشرين الأول المقبل، بعد 172 يوماً من إضرابه عن الطعام.. وبعد هذا القرار علّق عواودة إضرابه بعد التوصّل الى اتفاق مكتوب بالإفراج عنه، بعد أطول إضراب نفذه أسير فلسطينيّ.
ثانياً، وقف سلطات الاحتلال قرارها بالنقل التعسّفي للأسرى المحكوم عليهم بالمؤبّد، قبيل بدء 1200 أسير الإضراب عن الطعام، الأمر الذي ردّت عليه الحركة الأسيرة بوقف الإضراب…
هذه التطورات تؤكد جملة من الحقائق الهامة:
الحقيقة الأولى، انّ الأسير المقاوم خليل عواودة نجح في خوض معركة شرسة في مواجهة الاحتلال وتحقيق نصر جديد يُكتب في تاريخ نضال الأسرى، عندما وضع في حسابه الشهادة أو الحرية، أيّ أنه أخذ قراراً لا عودة فيه عن إضرابه، إلا إذا ظفر بالحرية أو الشهادة، فأبطل بذلك كلّ رهانات سلطات الاحتلال على لعبة الوقت لإخضاع عواودة وثنيه عن مواصلة إضرابه من دون أن يحصل على هدفه بالحرية.. فاضطرت هذه السلطات أخيراً إلى التسليم بمطلبه بالإفراج عنه، تجنباً لاستشهاده وما سيؤدّي إليه من تداعيات سلبية فلسطينياً وعربياً ودولياً… فانتصرت إرادة الأسير عواودة..
الحقيقة الثانية، برهن الأسير عواودة مجدّداً أنّ الحرية تنتزع انتزاعاً كما تحرير الأرض المحتلة من الاحتلال، وأنّ المقاومة بالأمعاء الخاوية، أو المقاومة المسلحة هما السبيل إلى مواجهة الاحتلال والتحرّر من رجسه، والظفر بالحرية…
الحقيقة الثالثة، انّ هذا الانتصار الجديد سوف يرفع من معنويات الأسرى ويجعلهم اكثر إصراراً وعزماً على مواصلة نضالهم في مواجهة السجان الصهيونيّ لنيل مطالبهم وحريتهم.. حيث تبيّن بوضوح أنّ وحدتهم وإرادتهم الصلبة قادرة على كسر قرارات الاحتلال وإجباره على التراجع عنها.
إنه درس يثبت أنّ الذلّ والمهانة ملازمان لمسار المساومة والتراجع أمام العدو، وأنّ الالتزام بخيار المقاومة هو طريق الحفاظ على الكرامة وتحقيق العزة.. فالعدو لا يتراجع إلا أمام المقاومة والإرادة الشعبية التي لا تلين في الدفاع عن الحق، فإما النصر الكامل والواضح، أو الشهادة… هذا هو الطريق الذي اختاره الأسير عواودة، وسائر الأسرى المقاومين الأبطال الذين يسطرون ملاحم البطولة ويرسمون بمعاناتهم وتضحياتهم طريق حريتهم الحقيقيّة.. ويُعيدون القضية إلى واجهة الأحداث باعتبارها قضية حق لا تموت طالما هناك مقاومون أمثال عواودة وقبله الكثير.
غير أنّ مقاومة الأسرى، المستمرة، تلفت النظر الى مسألة هامة يجب الانتباه إليها وهي أنّ تحرير الأسرى كما الأرض لن يتحقق إلا عبر مقاومة الاحتلال من ناحية، والاقتناع بأنّ استرجاع هذا الحق بتحرير الأرض لا يمكن أن يتمّ إلا عبر خوض المقاومة الشعبية المسلحة من ناحية ثانية، فالأرض لا يمكن تحريرها الا عبر خوض المقاومة الشعبية المسلحة المستمرة بلا هوادة من قبل أصحاب الأرض الحقيقيين، ضدّ المستعمرين الاستيطانيين، الذين أقاموا مستعمراتهم عبر قتل وطرد السكان والاستيلاء على أرضهم.. فهؤلاء المستعمرون لا تنفع معهم إلا لغة القوة، لأنّ ما أخذ بالقوة لا يُستردّ بغير القوة… هذا هو الدرس الذي أكدته تجارب الشعوب المقاومة ضدّ الغزاة والمستعمرين، في فيتنام والصين وكوبا وفرنسا والجزائر واليمن ومصر وسورية ولبنان وغزة إلخ…