نافذة ضوء

القوميّة الاجتماعيّة هي نافذة الضوء

للوعي والفكر ونهوض الأمم

يوسف المسمار^*

 ما قامت ولا تقوم ولن تقوم حركة نهضة أمة بدون وعي قوميّ اجتماعيّ، ولا قيمة لوعي بدون فكر سليم راقٍ هادف، ولا أمل بانتصار نهضة حقيقيّة بغير صراع هجومي يدمّر الفساد ويبني الصلاح لأن النهضة الحقيقية هي حركة لا جمود، ووعي لا غفلة، وفكر لا بلادة، وإبداع لا رتابة. وهذا هو جوهر النهضة الذي يعني الخروج عن المألوف الطالح وتوليد الجديد الصالح، والمحافظة على القديم الصالح وترقيته ليصبح الأحدث الأصلح. وقد عرّف العالم الاجتماعي أنطون سعاده النهضة بهذا التعريف الواضح البليغ:

«النهضة هي الخروج من التفسّخ والتضارب والشك إلى الوضوح والجلاء والثقة واليقين والإيمان والعمل بإرادة واضحة وعزيمة صادقة. هذا هو معنى النهضة لنا».

والوعي الذي نعنيه هو يقظة الضمير الاجتماعي في الانسان – الفرد الذي هو وعي الروح والعقل والنفس، وتعميق المعرفة والفهم، وإطلاق طاقة العقل وتحسين أهليته للتوحدن روحاً ومادةً في بنية المجتمع الاساسية والعليا.

وبهذا الوعي يستقيم التفكير والفكر ويتضح الاتجاه والطريق والغاية. وتظهر أهمية قضية المجتمع العظمى التي تستحق الصراع وممارسة البطولة التي تعطي للفداء معناه وقيمته المثلى وجدواه.

أما الفكر الذي نعني فهو نتاج تفكير العقل السليم المبدع الذي يميّز بين صالح الإنسان – الفرد الذي ينفعه والطالح الذي يضره، فيختار صلاحه ويزيل من طريقه كل طلاح، وينشّط تفكيره ومشاعره وإحساساته وعواطفه ليتوحّد في الإنسان – المجتمع الذي يرفعه الى مستوى التفكير القومي– الاجتماعي فيزداد وعياً ورشاداً على وعي ورشاد، ويصبح في مجتمعه موهبة وعبقريّة تلهمان مجتمعه كل جميل ورائع، فيزداد بجمال مجتمعه وروعته جمالاً وروعة هما أضعاف أضعاف ما ألهم به المجتمع وقدمه لمجتمعه من جمال وروعة فارتقت المواهب الفردية برقي المجتمع كارتقاء المجتمع بمواهب أبنائه.

وأما الصراع فهو صراع الوعي المتألق تفكيراً، والمتعمّق والمتوسّع فكراً قومياً اجتماعياً يطال كمال وجود الأمة وارتقاء حياتها، ويمتد امتداد آفاق مطامحها المثلى التي تصل الأزل بالأبد وجوداً وأجيالاً وتاريخاً وثقافة وحضارة.

هذه هي أهم قواعد نهوض الأمم الحيّة العظيمة التي تعبّر فوق ذلك عن القيم الحقيقية التي لا غنى للأمم التي تطمح بالنهوض عنها ولا بديل لها إذا كانت تريد الفلاح والتفوّق.

 وهل تستطيع أمة أن تنهض من غير التحلّى بقيم الوعي المنفتح على رحاب الرقي، ومن غير شمول التفكير الحر المولّد كل جديد، ومن غير الثبات في الصراع الهادف للوصول إلى أفضل المرامي وأسماها؟!

هذه هي بعض القواعد – القيم والقيم – القواعد لنهضة الإنسان – المجتمع التي هي: الوعي القومي الاجتماعي، والتفكير القومي الاجتماعي، والصراع القومي الاجتماعي في سبيل حياة أفضل جوهرها عقيدة صحيحة جلية، وقاعدتها أساس متين وجدرانها حرية وواجب ونظام وقوة، وسقفها مثل عليا كلما ارتفعت أطلت على عوالم أرقى وقيم أسمى لا نهاية لها.

*باحث وشاعر قومي