نافذة ضوء
الوضوح بداية الانتصار
يوسف المسمار*
الوضوح شرط كل بداية صحيحة، وهيهات بالغموض نسير من غير أن نتعثر، ومن دون أن نضيع في المتاهات.
فكل ما يبدأ بالمبهم مبهم، وكل ما يُبنى على فسادِ فاسد، ووحده الوضوح يضيء الطريق إلى النجاح.
وللوصول الى الوضوح قال أنطون سعاده:
«التعيين هو شرط الوضوح، والوضوح هو الحالة الطبيعيّة للذات المدركة الواعية».
والذات المدركة الواعية ترشدنا الى أن الأوضاع الفاسدة، لا تعالج بالغوغاء والفوضى، والغوغاء والفوضى لا يساعدان على التخلص من الفساد ولا على تجنب حدوثه بل على العكس من ذلك يكون الانطلاق من الوضوح هو السبيل الأفضل للقضاء على الفساد وإبعاد حصوله حيث يزداد الادراك ادراكاً، والأوضاع صلاحاً، والمسيرة نمواً وتقدماً، والنكبات والكوارث تقلصاً وزوالاً.
ولأننا لا نريد لأمتنا ولأنفسنا الا حياة الصلاح والمجد والعظمة، فإننا لا نجد بديلاً عن الوضوح والصراحة ولا نجد استغناء عن الأفكار والرؤى التي تساعد على بلورة القضية القوميّة الاجتماعيّة والمسائل المتعلقة بها، ولا نجد بديلاً عن ضرورة الوحدة الروحية لمجتمعنا.
فالمرحة عصيبة وخطيرة لا تسمح بتكرار الأخطاء التي كانت وبالاً على شعبنا، وحكم التاريخ لا يعفينا من المسؤولية التاريخية التي تترتب علينا.
إن وعينا المسؤول لا يسمح لنا بالصمت والسكوت او التجاهل او الإهمال. فأمام وعينا وقوتنا الكاملة لا تزال فرصة اتخاذ الموقف الذي يجعلنا كباراً امام أنفسنا لنكبر في نظر الآخرين.
ان حالة التفتت الولائي المسيطرة في مجتمعنا هي حالة خطيرة تنذر بشر كبير ولا خلاص منها الا بإيقاظ وحدة الروح التي تجمعنا وتوحد صفوفنا وتقضي على اسباب الضعف التي اوصلتنا الى أن نكون صغارا أمام انفسنا ومدعاة سخرية للآخرين أصدقاء وأعداء.
فاذا لم نسع الى التفاهم فيما بيننا وتوطيد عرى المودة وتعزيز اسباب الأخوة القوميّة الاجتماعيّة التي تجمعنا، فإننا سائرون حتماً بسرعة هائلة الى خرابنا وانقراضنا من الوجود. ولا شيء بعد ذلك ينفع.
فالحقيقة كما قال أنطون سعاده إن: «كل أمةٍ تريد أن تحيا حياة حرة مستقلة تبلغ فيها مُـثُـلها العليا، يجب أن تكون ذات وحدة روحية متينة».
وبدون وحدة الروح المتينة سيستمر أعداؤنا في تفتيتنا جبراً، وسنستمر في تفتيت انفسنا بأنفسنا، وسيستمر أعداؤنا في اجتثاثنا من أجزاء من وطننا وسلخها الى ان يأتي يوم لا يبقى لنا وطن ولا هوية ولا موطأ قدم.
*باحث وشاعر قوميّ.