ميليشيات «الحزام الأمنيّ» في الجليل
} شوقي عواضة
يوماً بعد يوم تتساقط معادلات الجيش الصّهيوني (الذي لا يُقهر) وتتهاوى معادلاته العسكريّة بمنظوماتها الدّفاعيّة وقببها الحديديّة وترسانتها المتطوّرة أمام معادلات المقاومة التي حوّلت الزّمن من زمن الهزائم إلى زمن الانتصارات، والذي هُزمت فيه نخبة القوّات في (الجيش «الإسرائيلي» على امتداد المواجهة في لبنان منذ العام 1982 ومروراً بحرب الأيّام السّبعة 1993 (تصفية الحساب)، و (عناقيد الغضب) عام 1996، وتحرير عام ألفين الذي أرسى فيه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله معادلة («إسرائيل» أوهن من بيت العنكبوت) إلى انتصار تموز 2006 وانتصار غزّة 2008 وما شهدته السّاحة الفلسطينيّة من مواجهات وصولاً إلى سيف القدس 2021 ووحدة السّاحات 2022، عدا عن تطوّر العمليّات النّوعيّة في الضّفة والداخل…
كلّ تلك المواجهات أرست معادلاتٍ وقواعدَ اشتباكٍ جديدة أسقطتِ الرّعب على المنظومة السياسيّة والعسكريّة الصّهيونيّة أعادت الثّقة للشّعوب العربية والإسلاميّة بأنّ زوال (إسرائيل) ليس مستحيلاً بل إنّنا بدأنا نعيش زمن هذا الزّوال والاجتثاث للكيان الصّهيوني المؤقّت…
هنا نتحدّث عن المقاومة ومعادلاتها في لبنان وفلسطين، والتي أجبرت جيش العدوّ ومنظومته الأمنيّة للخضوع لها وتأسيس استراتيجيّاتٍ وتكتيكاتٍ جديدة وفقاً لما تفرضه المقاومة من معادلاتٍ أخرجت القيادة العسكريّة والأمنيّة (الإسرائيليّة) من دائرة عملها النّمطي للجيوش ومسارها التقليدي العسكريّ والأمنيّ في محاولة لتحديث أساليبها القتاليّة وتطوير أدائها من خلال ما شهدناه من مناورات تدريب (عربات النار) في قبرص التي شهدت أكبر عمليّة تدريبٍ عسكريٍّ منذ عقود تهدف إلى تطوير القدرات القتاليّة لفرقة المظليين 98 ووحدات القوات الجويّة والقوّات الخاصّة (ووحدة شايتيت 13 البحريّة) التي تلقّت هزيمةً نكراءَ في عمليّة أنصارية عام 1996، ووفقاً لقياداتٍ عسكريّةٍ ( إسرائيليّة) فإنّ مناورات (عربات النّار) تهدف إلى التّركيز على محاربة حزب الله في أيّة مواجهةٍ مقبلةٍ. وهذا يعني بأنّ (الجيش الصّهيوني الذي لا يُقهر) لم يرقَ إلى مستوى مواجهة حزب الله في لبنان وتحقيق تقدّم على مدى سنوات المواجهة وبالتّالي فإنّ العدوّ «الإسرائيلي» يعمل بكدٍّ وجدٍّ على سدّ الثّغرات الأمنيّة والعسكريّة في صفوفه من أجل تحقيق أيّ انتصارٍ في المستقبل.
والجديد في هذا الصّدد إقدام القيادة العسكريّة «الإسرائيليّة» للمرّة الأولى منذ نشوء الكيان الغاصب على تشكيل فصائل ميليشياويّةٍ مسلّحةٍ تتمركز في مستعمرة كريات شمونة والجليل وذلك في إطار التّصدّي لأيّ عمليّة اقتحامٍ يقوم بها مقاتلو وحدة الرّضوان في حزب الله خلال أيّة مواجهة مقبلة. وهذا يؤشّر إلى مدى الحذر الذي يعيشه العدوّ في ظلّ فرض المقاومة معادلاتٍ جديدةً مع تصاعد وتيرة الصراع بين لبنان والكيان الصّهيوني المؤقّت على خلفية الثّروات النّفطيّة والغازيّة.
معادلات أجبرت العدوّ على اللجوء إلى خيار الميليشيات لإدراكها خطورة أيّة مواجهةٍ مقبلة مع حزب الله والتي لن تقتصر على القصف الصّاروخي بل لربّما تشهد مواجهاتٍ داخل الجليل بين قوّة الرضوان وجيش العدوّ وميليشياته التي تمّ تشكيلها بناءً على معلوماتٍ أمنيّةٍ واستخباريّةٍ مع قراءةٍ وتقدير لتهديدات حزب الله وفقاً لما يلي:
1 ـ تتشكّل تلك الميليشيات (الإسرائيليّة) من أبناء العملاء في جيش العميل أنطوان لحد وغير المنتمين إلى (الجيش الإسرائيلي) إلى جانب بعض سكان المستوطنات.
2 ـ يساند تلك الميليشيات في الجليل قوّات إسناد (من الجيش الإسرائيلي) بينهم ضبّاط وجنود في الصّهيوني من العملاء اللّحديين وأبنائهم.
3 ـ إنشاء (حزام أمنيّ) للجليل على غرار الحزام الأمنيّ في الشّريط الحدودي لجنوب لبنان قبل التحرير في العام 2000.
4 ـ تكليف ميليشيات الجليل بمهمّة منع وإعاقة تقدّم قوّات المقاومة والقضاء على أيّة محاولة تسلّل للدّاخل.
كلّ تلك المؤشّرات تؤكّد أنّ العدوّ «الإسرائيلي» قد وضع عدّة سيناريوات بنى على أساسها خطّته في المواجهة المقبلة. أمّا على المستوى التكتيكي والاستراتيجيّ فإنّ اتجاه العدو لاتخاذ مثل هذه الخطوات لا يعني إلّا تراجعاً وتقهقراً وبداية هزيمة مدويّة يبشّر بها قبل بدء المواجهة وبالرّغم من ذلك فإنّ حسم الأمور بالنّسبة إلى العدو والأميركيين لن يقتصر على جبهة الحرب والمواجهة مع العدوّ بل ثمّة جبهة داخليّة يعمل الأميركي والعدوّ على تفعيلها من خلال تحريك مجموعاتهم وتوجيه الاتهام للمقاومة بتدمير لبنان والدّعوة لإعادة (الإسرائيليين) والعملاء الفارّين الذين تجنّسوا وتطوّعوا في جيش العدوّ وميليشياته ويستعدّون للقتال ضدّ لبنان في المعركة المقبلة وتصعيد العقوبات الأميركيّة لتدمير ما تبقّى من مؤسّساته بتواطؤ بعض الفاسدين وإدارتهم لتلك العقوبات وتصعيدها على الشّعب اللّبناني الذي يمضي بأغلبيته خلف المقاومة لاستعادة الحقوق النّفطيّة والغازيّة للبنان التي تشكّل الفرصة الأخيرة لقيامة لبنان ويجمع على أنّ الأيّام المقبلة والحاسمة من أيلول ستثبت مرّة أخرى بأنّ المقاومة هي الدّرع الواقي والحامي للبنان.