أخيرة

نافذة ضوء

أكبر مصائب الأمم مفكّروها

الأنانيّون البائعون أنفسهم لأعدائها

} يوسف المسمار*

الميزة الأساسية بين الإنسانالفرد الحضاريّ والكائن التجمهريّ الهمجيذ الذي يشبه الإنسان في الظاهر ويتفوق على الحيوان المفترس في التوحش من الداخل، هي كالفرق بين قوة الحياة في البذرة الحيَّة التي تخرج الى النور بقوة الحياة التي فيها شجرة نامية وارفة باسقة مورقة مزهرة مثمرة متجدّدة بثمرها، متكاثرة جنائن وحقولاً وحدائق من الجمال والخيرات، وبين قوة التراكم للأوساخ والقذارات والغبار التي تتحوّل إلى جبال من الجراثيم والسموم والموبوءات المؤذية التي تملأ الأجواء بروائح العفن، ومشاهد الرعب والفظاعات، وتتكاثر بمكروبات الوباء والأمراض والعاهات.

وهذه هي أحوال الأمم الحضارية الإنسانية الطبيعية، وأحوال الدول التي تؤسسها عقليات أبناء وقادة الشعوب الحضارية المتنورين للمحافظة على حقها في الحياة، وحقها في السيادة على نفسها ومصيرها، وتسهيل مسيرة حياتها في النموّ والتقدّم والارتقاء، ليبعد عنها كل ويل ولا تكون لقمة سهلة في أشداق غيرها من الأمم الهمجيّة الجشعة الطامعة بسرقة او اغتصاب ما عند غيرها من الخيرات، والهائجة للسيطرة عليها وسلبها الحرية والسيادة والوجود مشغلة الخونة من أبناء الأمم المعتدى على حقوقها الذين وصفهم العالم الاجتماعي والفيلسوف السوري أنطون سعاده بقوله في جريدة الزوبعة بتاريخ 10 كانون الأول سنة 1940 أنهم:

««قوّاد الفكر» الذين هم أكبر مصائب البلاد على الإطلاق لأن غايتهم ليست مصلحة البلاد بل هم يحاولون المحافظة على مجد أنفسهم. هم يريدون أن يقولوا عن تفكيرهم أنه صحيح مهما قامت الأدلة على فساده. هم لا يرضون أن تظهر نظرياتهم كسيحة مفلوجة أمام النظريّات القوميّة الجديدة. هم يريدون أن تبقى عقليتهم القديمة خالدة ولو بقيت الأمة خالدة بشقائها وفقرها وتعاستها وبؤسها».

إن هؤلاء المفكرين الأنانيين هم أكبر مصائب الأمم لأنهم سهّلوا ويسهّلون بأنانيتهم وتفكيرهم الفاسد أن تكون أمتهم فريسة لأطماع أعدائها المجرمين.

 

*باحث وشاعر قومي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى