الشاعر لا يموت
عبير حمدان
الشاعر لا يموت بل يرتحل الى مداه الواسع بكل ما ملكت روحه من حبر ممتزج برائحة الأرض التي إليها ينتمي يحمل معه حكايا الريح والمطر والحبّ والوجع ويصبح نجماً في فلك الوجود.
لم يتأخر الفجر عن موعده حين طوى الشاعر محمد علي شمس الدين ورقته الأخيرة ومضى يبحث عن «زينب» وأخواتها هناك، حيث تتجرد اللغة من تعقيداتها وحركاتها، تصبح حرة بلا قيود، وقد تتجلى القصيدة بأبهى صورها، لكنها لا تنتهي مع الغياب.
عرفته في زمن الورقة والقلم وتعلمت منه تفاصيل النقاش بدون أقنعة، كما حفظت حكمة قدّمها لي في معرض حوار حول كيفيّة التعبير عن ما نريده من خلال النص والقصيدة، وأذكر حينها أنه قال لي «من السهل أن نكتب نصاً خالياً من الأدب لنحصد الشهرة والأضواء ونحدث ضجيجاً بلا طائل، لكن من الصعب أن نكتب نصاً أدبياً نرسم فيه ما يخطر في بالنا ضمن إطار الفصاحة والتهذيب ونتمكن من إيصاله لكل الناس».
قبيل التطوّر و«الإبداع المتنقل الكترونياً» كنا ندوّن اللقاء والحوار على الأوراق التي حفظناها في أرشيفنا، حتى الصور لم تكن مادة متداولة كما نراها اليوم وحدها اللغة كانت القاسم المشترك وستبقى، كما الكتاب والقصيدة وقصاصات الجرائد.
كلما غفا شاعر على تعاريج الغمام زادت الخشية على وطن اعتاد طحن أبنائه، لكنه يبقى ملتصقاً بنضبهم، لعل في الغفوة حياة وأملاً أن يقرأ الجيل المقبل تاريخه في صفحات الكتب والدواوين.