التعليق السياسي
مهلة شهر للترسيم
– أثار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير، وما تضمّنه من مواقف حول ترسيم الحدود البحرية، سؤالاً جوهرياً حول الاكتفاء بمعادلة، منع الاستخراج من كاريش، بينما كانت المقاومة بشخص السيد نصرالله قد حذرت من خطر لجوء كيان الاحتلال الى المماطلة والخداع عبر تجميد طويل للاستخراج من كاريش يتيح تفادي المواجهة مع المقاومة، ويضمن استمرار استخراج الغاز والنفط من الحقول الأخرى، بينما لبنان على قارعة الانتظار. ووضعت المقاومة في مواجهة هذا الخطر معادلة رديفة لمنع الاستخراج من كاريش، هي كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش. والواضح من كلام السيد نصرالله أول أمس، أن معادلة كاريش وحدها هي المفعّلة وأن المعادلة الثانية لما بعد كاريش مجمّدة، فهل هذا تهاون أمام المماطلة، وتراجع عن المعادلة الثانية؟
– المقاومة على بيّنة ومتابعة حثيثة لما يجري في المسار التفاوضي، ولم تتغير مخاوفها من مخطط للمماطلة والتسويف، الذي يقوم على اطالة الزمن التفاوضي حتى يتم استهلاك الوقت المتبقي من ولاية رئيس الجمهورية، مع السعي لفرض الفراغ الرئاسي بعد نهاية العهد، عبر تشجيع الراغبين بمنع توافر النصاب اللازم لعقد الجلسة الانتخابية ضمن المهل الدستورية، بذرائع شتى، نسمعها كل يوم. وبالتوازي تعطيل فرص وجود حكومة تحظى بالإجماع لجهة توليها صلاحية رئيس الجمهورية، وهو ما ليس متوافراً في حالة حكومة تصريف الأعمال، فيصير تشجيع عدم تشكيل حكومة جديدة، طريقاً مختصراً لرمي لبنان في فوضى دستورية بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية، والقول إن تعطيل مسار التفاوض، والترسيم من خلاله، يعود لعدم وجود جهة دستورية تقود هذا المسار لبنانياً.
– تتسم المقاومة وقيادتها ببرود الأعصاب، وبالدقة، وبالتمهل، وبالبناء على الوقائع بتلاحقها محطة تلو محطة، وعدم حرق المراحل. وما دامت معادلة ما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش قد أطلقت بمبادرة من المقاومة، فلا يحق لأحد أن يزايد عليها بها، وهي لم تكن في بال أحد سواها قبل أن تطلقها، أما وان التجميد في كاريش قد تحقق بفضل المقاومة، فالمقاومة ليست انفعالية ولا تخبط خبط عشواء، وهي بالتوازي تمنح الخيار التفاوضي الذي يقول الكثير من المسؤولين إنه جدّي ومتقدم، فرصة الوصول الى نتائج قبل حلول أجل الاستحقاقات، وهي بالتوازي تدفع بقوة لتجاوز مأزق تشكيل حكومة جديدة، وعبر التفاعل مع المسارين سيظهر خلال مهلة شهر ما إذا كانت المماطلة هي المسار المعتمد من واشنطن ومن معها في بيروت وتل أبيب، أم العكس.
– خلال شهر يجب أن تتشكل حكومة جديدة، ولا يبقى فرص للحديث أيضاً عن جدية المسار التفاوضي ما لم يكن قد أثمر بعد، فإذا اثمر أحد المسارين لا حاجة للمقاومة أن تضع معادلة ما بعد كاريش على الطاولة، فإن انتهى المسار التفاوضي الى حلول يكون كل شيء قد انتهى على خير، وان كان المسار التفاوضي يحتاج بعض الوقت، وتحقق وجود حكومة دستوريّة كاملة المواصفات يقطع الطريق على التحدث عن الفراغ، لاستكمال ما يكون قد بقي من عقد تفاوضية تحتاج عندها وقتاً محدوداً، وإن طال الانتظار، فما بعد كاريش حاضر ليعود على الطاولة، كما في حال تعقدت ولادة الحكومة.
– كل شيء في أوانه معادلة تعتمدها المقاومة، فلا تتسرعوا!