إضراب السلك القضائي خطير… والأخطر امتداد الإضراب الى الأسلاك غير المدنية
} العميد طلال اللادقي*
لا يخفى على الجاهل، انّ لبنان يمرّ بأخطر انهيار وضياع وتفكك لم يعرفه منذ قيامه في منتصف القرن العشرين:
توتر سياسي لا أفق له، وانهيار اقتصادي جعل نصف اللبنانيين فقراء، ولا كهرباء، ولا خطة للتعافي، ولا حكومة قادرة، ورواتب هزيلة أفرغت الدولة ومؤسّساتها من الموظفين، وماذا لو لحقت الأسلاك الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وهم الأكثر تضرّراً في مرتباتهم ومخصصاتهم!
وبالأمس بلغ السيل الزبى مع أصحاب الودائع الذين سرقت المصارف ودائعهم منذ ثلاث سنوات والتي تدّعي انّ أموال المودعين أقرضتها للمصرف المركزي (بفوائد عالية).
وشهدت بيروت يوم الجمعة الماضي ستة اقتحامات بالقوة للمصارف أسفرت عن استرجاع بعض الأموال المنهوبة. وكلّ ذلك في ظلّ إضراب القضاة الذين يقولون بعدم تمكّنهم من الوصول الى المحاكم المظلمة والموحشة متهمين الدولة بتجاهل مطالبهم وإخضاعهم وعدم جدّيتها لقيام قضاء قادر!
وكان إضراب القضاة بدأ بإضراب المساعدين القضائيين، ومع ارتفاع سعر الدولار انهارت قيمة رواتبهم وبات راتب القاضي الذي يبلغ ثمانية ملايين ليرة بعد خدمة أربعين عاما يساوي ٢٣٠ دولاراً.
ووصف وزير العدل الأسبق ابراهيم نجار الإضراب بالخطير، ليس الإضراب بحدّ ذاته، بل تفكك الجمهورية وانهيارها، والإضراب ليس الخطأ المطلق، بل الغيبوبة التي نعيشها في هذه الجمهورية هو الشرّ المطلق…
وفي مواجهة مثل هذا الانهيار وخاصة القضائي الأخطر، وجّه قضاة لبنان بياناً الى اللبنانيين قالوا فيه: الى الشعب المقهور لقد نجح الساسة في تقسيمكم الى قطاعات وملل قطاع عام وقطاع خاص، وإلى موظفين ومتقاعدين مدنيين وعسكريين ومتعاقدين… وكلّ ذلك في سبيل إلهائكم في مصالح وزواريب ضيقة وتشتيت انتباهكم عن القضية الأساس وهي دولة الحق والقانون التي لا قيام لها إلا بسلطة قضائية مستقلة وفاعلة، ولا بدّ من القول لا لشريعة الغاب بعد اليوم.
وبالأمس تحدث وزير الداخلية بعد اقتحامات المصارف وقال انّ هذه الاقتحامات لا تجوز مع تأكيده لحق المودعين ولكن ليس بهذه الطريقة!
ونحن بدورنا نسأل:
في مثل هذه الحالة من الانهيار على كلّ صعيد، نسأل كيف تحصل الملاحقة القضائية في ظلّ إضراب القضاة، وأين النيابات العامة وقضاء التحقيق وكيف التعامل مع الموقوف والضابطة العدلية في مثل هذه الحالة غير قادرة على اتخاذ قرار حجز حرية الموقوف او المشتبه به؟ كون النائب العام ليس على السمع لإعطاء إشارته. وإذا اتخذت الضابطة قراراً بالتوقيف دون إشارة النائب العام، يعني أنها ارتكبت جرم حجز حرية خلافاً للقانون ويصبح أفرادها عرضة للملاحقة الجزائية.
لذلك،
نرى في إضراب القضاء آخر مشاهد العصفورية، ولا يضاهيه من حيث النتائج إلا إغفال حقوق الأسلاك العسكرية والقوى الأمنية الذين يقومون بواجبهم من غير ان نسمع لهم صوتاً رغم ما بهم من أذى وضيق وظلم وتجاهل…
*نائب رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي