نافذة ضوء
كل تحوّل لا يقوم
على نور الحق باطل
} يوسف المسمار*
كل ما يمكننا التقاطه بشقّ النفس هو اليسير اليسير من مآثر صنّاع تاريخ الحضارة الإنسانية. أما ركام الخرافات والتخلف والضياع والأوهام والانحطاط الذي حملته البشرية الى هذا العصر فقد أثقل كاهلها ويكاد يعيدها إلى بداية العهود البائدة.
وما أصاب الرسالتين الإسلاميتين الروحانيتين لله رب العالمين: اليسوعيّة والمحمدية على يد معتنقيها من ابتعاد عن المصدر والجوهر والطموح خير دليل على هيجان جراثيم الغبائر الضارة، وضمور وذبول الأشجار والأثمار النافعة.
وحتى الرسالة السورية القومية الاجتماعية العقلية الجامعة التي وصفها سعاده بأنها: “مجموع جوهر كل الحركات الصالحة للحياة مادةً وروحاً” تحوَّل مفهومها بعد رحيل سعاده على يد بعض معتنقيها عن مسارها وأهدافها لتراوح مكانها بشكل نمطي يجعل تأثيرها خاضعاً لتأويلات طقوسية بدائية استذواقية تكون بها وتجعلها أقرب الى الركود والجمود من الحركة والفعل. ولولا قوة طاقة الحق التي فيها، وشحنة التنبيه البطوليّة التي فعلت في أعضائها المخلصين الصادقين لخبا نورها وتبدّد أتباعها.
ولكن نور الحق الذي هو واقع طبيعيّ أنقذها وأنقذ معتنقيها الواعين الصادقين المنتجين المبدعين من الفشل والسقوط وإن بدت للبعض ممن زاغت بصائرهم أنها تتراجع. وجعل الكثيرين من أبناء أمتنا يتخلصون عن الكثير من أفكارهم المهترئة الموروثة، وقناعاتهم الفردية الأنانية، ونظرياتهم التخمينية الوهميّة التي سخّروها واعتمدوها لمحاربة حركة النهضة السورية القومية الاجتماعية، والتي خدموا بها أعداء الأمة الطامعين بحضارتها ومواردها وإمكانياتها.
فنور الحق هو قاعدة انطلاق كل تحوّل مجدٍ ونافع في الحياة نحو الأصلح والأصح. وباعتماد غير نور الحق من المحال ظهور الدليل السليم والمرشد الهادي الى حالة جيّدة ووضع أرقى.
ولذلك فكل بحث أو دراسة لتحوّل المجتمع الى الأجود من غير تعيين هوية المجتمع الإنساني المعني، وتعيين قومية الإنسان المجتمعية من منظور كامل ونهضويّ ولهدف تحقيق نهضة مجتمعية مادية – روحية هو بحث أو دراسة لا طائل منها ولا فائدة.
بل زيادة التخبّط تخبطاً، وإطالة عمر التخلّف تخلفاً، ويمكن أن يفيد الأعداء المتربّصين أكثر مما يفيدنا.
*باحث وشاعر قومي.