دردشة صباحية
من ذاكرة طرابلس الأدبية
يكتبها الياس عشّي
أعود بالذاكرة إلى سبعينات القرن الماضي، إلى يوم من أيام طرابلس الجميلة، قصدت به أحد المقاهي حيث الأستاذ حسيب غالب، ولفيف من المهتمّين بالأدب والشعر، يقرأون قصيدتي “الليل يؤنبني يا حنان” المنشورة في الملحق الثقافي لجريدة “النهار”. اختلفوا في تقييمها. شاركتهم في المناقشة. عاب البعض تسميتها شعراً. دافعت عنها.. قلت:
قصيدة اليوم تحرّرت من التطريب، ومن إيقاعات الوزن وطقوسيّة القافية. قصيدة اليوم ترفض أن تتعايش، وهي في الثلث الأخير من القرن العشرين، مع مقولة “الشعر هو الكلام الموزون المقفّى”.
أتذكّر اليوم الأستاذ حسيب غالب، وهو يبتسم ويسأل: ما علاقة “حنانك” بـ “حنان” الياس مسّوح في كتابه الأخير “حنان يا أصدقائي”؟
قلت له: إنهما توأمان! كلاهما يخاطبان العقيدة السورية القومية الاجتماعية، ومؤسسها أنطون سعاده.
ولمَ الترميز؟ سألني.
قلت: لأنّ الحزب في قفص الاتهام، ومفكّريه في معسكرات التعذيب، ولأن الكلام على “سعاده” المفكّر والأديب والشهيد هو، كما يروّجون، هرطقة، وجريمة، وخروجٌ على قواعد اللعبة الطائفية.
هزّ الاستاذ حسيب رأسه موافقاً، وتمنّى عليّ أن أقرأ القصيدة، فقرأتها.