برسم وزارة الداخلية: لماذا التباطؤ غير المبرّر في تنفيذ القرار القضائي بإخراج المسلحين من مكاتب «البناء»؟
أن تقوم عصابة مسلحة باحتلال مكاتب صحيفة “البناء” مكانياً فهذا ليس بالأمر الصعب، فمكاتب الصحيفة تقع في مبنى استرال ـ الحمرا، وهو يضمّ عدداً من المؤسسات الخاصة، ويقفل أبوابه عند السابعة مساءً، والتسلل الى المبنى واحتلال مكاتب “البناء” حصل عند الثانية فجراً عبر فندق مجاور.
لكن، ما يصعب فهمه، هو بقاء مكاتب “البناء” قيد الاحتلال، والتباطؤ غير المبرّر في تنفيذ القرار القضائي الذي قضى بإخراج المسلحين وإعادة الأمور إلى طبيعتها؟
هذا سؤال مشروع برسم وزير الداخلية، الذي ننتظر منه الإيعاز الى القوى الأمنية لتطبيق القانون وحفظ هيبة الدولة، وتأكيد حرصها على الحرية الإعلامية وحصانة مؤسّساتها، وكذلك تأكيد احترامها للسلطة القضائية التي أصدرت أمراً للتنفيذ وليس للإهمال والمماطلة والتسويف!
فصحيفة “البناء” وانْ احتلت مكاتبها، فإنّ أحداً لا يستطيع احتلال مكانتها، فهي تربّعت على عرش الصحافة اليومية منذ نصف قرن ويزيد، وتشكل منبراً نهضوياً ليس للقوميين الاجتماعيين وحسب، بل لكلّ المواطنين، لا سيما أهل الرأي من كتاب وباحثين وصحافيين.
نعم معالي الوزير، انّ حصانة المؤسّسات الإعلامية هي مسؤولية الدولة وتطبيق القانون هو الذي يحفظ هيبة الدولة، فلماذا كلّ هذا التأخير في إنفاذ القانون؟
“البناء” يا معالي الوزير ليست وسيلة فجور وشتم، بل هي منبر للرأي الحر، ولذلك تضامن معها طيف واسع من مرجعيات رسمية وسياسية وإعلامية وحزبية، وكلّ المتضامنين استنكروا احتلال مكاتب “البناء”. وأمس الأول كان التضامن مع صحيفة “البناء” حاشداً، فقد احتضن صرح نقابة الصحافة اللبنانية المتضامنين، نواب ووزراء وشخصيات ودبلوماسيين وممثلي أحزاب ووسائل إعلام وإعلاميين، في تعبير حيّ عن رفضهم المساس بوسيلة إعلامية، وبحرية الصحافة والإعلام، وهذا إنْ دلّ على شيء إنما يدلّ على فداحة جرم احتلال مكاتب “البناء” التي تواصل الصدور اليومي لتضيء بنور الكلمة عتمة الليل الحالك الذي يستهوي اللصوص والسارقين ومرتكبي الأفعال الشائنة.
بالأمس حضر الى نقابة الصحافة طيف واسع ووازن ليتضامن مع “البناء”، وفي هذا التضامن كلمة حق، بأنّ “البناء” هي نموذج الصحافة النهضوية التي لا تساوم على قضية، ولا تنأى عن خوض معترك الصراع الفكري، وهي تجمع بين انتمائها ومهنيتها.
التضامن مع البناء، رسالة للذين احتلوا مكاتبها، بأنّ فعلهم يعاقب عليه القانون، ورسالة إلى القوى الأمنية لكي تبادر سريعاً الى تطبيق القانون إنفاذاً لإشارة القضاء، وبأنّ كلّ تأخير في تطبيق القانون، هو بمثابة تشجيع على اقتراف الجرائم بحق حرية الصحافة والإعلام.
“البناء” انتصرت في معركة الكلمة وحرية الرأي والتعبير، وأثبتت انها ليست محلّ نزاع، بل محلّ اعتداء موصوف، وقد آن الأوان لوقف الاعتداء وتحرير مكاتبها.
“البناء”